Contract
عقد الاستصناع
تعريف الاستصناع و حكمه :
*تعريف الاستصناع في اللغة : الإستصناع علي وزن الاستفعال ,والصناعة بكسر الصاد هي حرفة الصانع, وأصطنع الشئ بمعني صنعه , ومن هنا فالاستصناع لغة هو طلب الفعل أو طلب صناعة لشئ معين .
*تعريف الاستصناع في الاصطلاح : وهو عقد من عقود البيوع في الإسلام , ويشتري به في الحال بغرض العمل علي بناء أو تصنيع سلعة مما يصنع صنعاً وغير جاهزة حاليا ، ويلتزم البائع بتقديمه جاهزاً بمواد من عنده وبأوصاف معينة , ويقوم المصـرف بتلبية رغبة العمـيل وتـوفير تلك السلعـة بعد تصنيعـها بنفسـه أو بتصنيعـها مـن غـيره وفـق المواصفات المحددة من قبل العميل ، والاستصناع عقد يشبه السلم لأنه بيع معلوم وان الشي المصنوع ملتزم عند العقد في ذمة الصانع البائع ، ولكنه يفترق عنه حيث أنه لا يجب فيه تعجيل الثمن ، ولا كون المصنوع مما يوجد في السوق .
*حكم عقد التمويل بالإستصناع:
لا يرد الاستصناع عند الشافعية والحنابلة إلا ضمنيا عند التعرض لاسلوب السلم ولا يجيزون السلم في المصنوع من أكثر من مادتين مختلفتين، ولا يجيزونه في مادتين غير متميزتين، اما المالكية فقد ألحقوا الاستصناع بالسلم في الصناعات، ولم يقفوا عند المادة والمادتين وإنما أجازوه في الصناعات التي يتعامل بها الناس عامة ، مع التاكيد على ضرورة الالتزام بشروط السلم ، أما عند الحنفية فالاستصناع من العقود المسماة فهو عقد قائم بداته و مستقل، وله شروطه الخاصة، غير أنهم أجمعوا على أنه عقد غير لازم قبل أن يرى المستصنع ما صنع، وهذا لا يجعل الاستصناع صيغة تمويل مناسبة، غير أن مجلة الأحكام العدلية- وهي في الفقه الحنفي- جعلت الاستصناع عقداً لازماً من البداية.
و قد تعرض الى مشروعية الاستصناع مجمع الفقه الإسلامي بمنظمة المؤتمر الإسلامي، في دورة مؤتمره السابع، وأصدر القرار رقم 67/3/7 وجاء في القرار ما يأتي:
إن عقد الاستصناع وهو عقد وارد على العمل والعين في الذمة ملزم للطرفين إذا توافرت فيه الأركان والشروط.
يشترط في عقد الاستصناع ما يلي:
أ - بيان جنس المستصنع نوعه وقدره وأوصافه المطلوبة.
ب - أن يحدد فيه الأجل.
يجوز في عقد الاستصناع تأجيل الثمن كله، أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة.
يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطاً جزائياً بمقتضى مااتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروف قاهرة.
وهذا يعني أن الفقهاء أختلفوا في حكم عقد الاستصناع حيث يرى جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة أن الاستصناع ملحق بالسلم ؛ فيشترط فيه ما يشترط في السلم ، وأما الأحناف : فيرون أن الاستصناع عقد مستقل بذاته وله خصائصه وأحكامه , ومن هذا المنطلق اختلف العلماء في حكم عقد الاستصناع كعقد مستقل بذاته إلى قولين : الأول: عدم جواز عقد الاستصناع إذا كان على غير وجه السلم , وهو قول جمهور العلماء من الحنابلة والمالكية والشافعية . الثاني: جواز عقد الاستصناع , وهو قول الأحناف .
والراجح هو القول بجواز عقد الاستصناع لأن الحاجة داعية للاستصناع ، وفي منعه من إلحاق الحرج بالناس ما لا يخفى وقد رجح القول بجوازه المجمع الفقهي الإسلامي الدولي في مؤتمره السابع المنعقد بجدة لعام 1412 هـ ، و لعل الدليل الابرز في السنة على مشروعية الاستصناع أن الرسول "صلي الله عليه وسلم" طلب من صانع أن يصنع له خاتم وكذلك استصناع الرسول "صلي الله عليه وسلم" للمنبر ، ولم ينكر عليه أحدا ذلك.
2- شروط عقد التمويل بالإستصناع :
يشترط لعقد الاستصناع شروط خاصة مع اعتبار شروط البيع هي:
أن يكون المصنوع معلوماً : بتحديد مواصفات الشيء المطلوب صناعته تحديداً وافياً يمنع التنازع عند التسليم .
أن يكون المصنوع مما تدخله الصناعة ، فلا يصح في المنتوجات الزراعية كالبقول والحبوب مثلا.
أن يكون الشيء المصنوع مما يجري التعامل فيه ؛ لأن الاستصناع جائز استحساناً ، فلا يصح فيما لا تعامل فيه
كل المواد المستخدمة في الشيء المصنوع من الصانع ، فإذا كانت من المستصنع فإنه يكون عقد إجارة وليس عقد استصناع .
بيان الثمن جنساً وعدداً بما يمنع التنازع ، فالجنس : كالدينار الليبي أو الدولار الامريكي، والعدد : كالألف والمليون .
بيان مكان تسليم المبيع إذا احتيج إلى ذلك .
ألا يكون فيه أجل ، وفي هذا الشرط خلاف يحتاج إلى تفصيل وتوضيح .
3 - خصائص عقد التمويل بالإستصناع
- يتشابه الاستصناع والبيع في كونهما مبادلة سلعة بثمن ويختلفان في عدم تعيين المبيع لكونه في ذمة البائع .
- يشبه الاستصناع الإجارة في أن العمل مشروط بالعقد ويزيد الاستصناع في أن مواد التصنيع من الصانع .
- يتشابه الاستصناع والسلم في كونه بيعاً لمبيع غير معين في ذمة البائع ، ويختلفان في أن السلعة في الاستصناع
مصنوعة ، وفي السلم كل أنواع السلع .
- لا يتغير الثمن بزيادة مشروطة في العقد طبقاً لتغير أسعار المواد أو الأجور في السوق1 وذلك لجهل الثمن ولكن : - يجوز أن يتغير الثمن بإدخال تعديلات على المصنوع حسب إتفاق الطرفين.
يجوز للصانع طلب ضمانات من المستصنع مقابل الثمن أو الجزء المؤجل منه.
4-أركان عقد التمويل بالإستصناع : أركان الاستصناع عند الجمهور ستة وهي :
الصانع :هو البائع الذي يلتزم في عقد الاستصناع بتقديم المصنوع للعميل عند حلول الأجل سواء باشر الصنع بنفسه أو عن طريق صانع آخر .
المستصنع : وهو طالب صنع السلعة والملتزم بموجب العقد بقبول المصنوع إذا جاء مطابقاً للمواصفات.
- محل العقد : وهو كل ما يتم صناعته في عقد الاستصناع ويمكن أن يكون أصلاً رأسمالياً أو مبان أو آلات أو أجهزة أو سلعاً استهلاكية أو إنتاجية .
- الثمن : وهو الثمن المتفق عليه بين الصانع و المستصنع كثمن للسلعة المصنعة.
- الإيجاب: يصدر من طالب الصنعة أو مشتري السلعة ويطلق عليه "المستصنع".
- القبول : يصدر من الجهة الممولة ويطلق عليه " الصانع".
5-المواصفات المرتبطة بعقد التمويل بالإستصناع :
يمكن أن يمول المصرف صنع كل سلعة مباحة تنضبط بالوصف في الذمة عن طريق عقد الاستصناع،ويجوز أن يتضمن عقد الاستصناع خدمات التركيب أو التدريب على تشغيل الأصل أو صيانته أو أي خدمات أخرى مرتبطة بالمصنوع .
يكون عقد الاستصناع المصرفي ملزماً لطرفيه بمجرد توقيعه ، ويجب أن يكون الثمن محدداً جنساً(كالدينار الجزائري أو الدولار الامريكي)وعدداً (كالألف والمليون) للطرفين ، ويجوز أن يكون الثمن في عقد الاستصناع المصرفي نقداً حاضراً يدفعه العميل عند التعاقد أو عند الاستلام دينأً مؤجلاً يدفعه المستصنع دفعة واحدة أو على أقساط حسب الاتفاق .
إذا ثبت مبلغ الاستصناع ديناً في ذمة المستصنع فلا يجوز أن يتغير إلا إذا تغيرت المواصفات بالاتفاق مع العميل بما يمنع التنازع.
كل المواد المستخدمة في الشيء المصنوع من عند الصانع فهي مسؤوليته ولا يجوز أن يساهم المستصنع في توفير تلك المواد أو بعضها منها ، فإذا كانت من المستصنع فإنه يكون عقد إجارة لا عقد استصناع .
بيان مكان تسليم المبيع في بعض الحالات إذا احتيج إلى ذلك .
6- مزايا التمويل بالإستصناع :
تمنح للعميل بعض المزايا لجذب أكبر عدد ممكن من المتعاملين بعقود الإستصناع وكذلك لظروف المنافسة التي تواجهها المصارف الإسلامية في الوقت الحاضر , ومنها :
- أن تقسط الثمن بأقساط مريحة وعلي فترة جيدة حسب نوع الإستصناع .
- أن تعطي فترة سماح إن أمكن في حالة أن المتعامل مع المصرف قرر التسديد قبل إنتهاء مدة العقد .
- أن يراعي أن تكون الدفعة المقدمة ميسرة نوعاً ما , مع سهولة وسرعة الإجراءات .
- أن تقدم الاستشارات الهندسية للمتعامل ما أمكن ذلك .
7-مخاطر عقد التمويل بالاستصناع
المصرف عندما يكون هو الصانع فإنه يقوم بالبيع بالتقسيط عند الانتهاء من العمل وتسليم ما تم صنعه، والمخاطر هنا هي مخاطر الثمن في البيع بالتقسيط ، ولكن توجد مخاطر لا يستطيع المصرف أن يتحملها، ذلك إذا كان الاستصناع في المباني، فإن من يقوم بالبناء يكون ضامناً للمبنى مدة قد تزيد عن عشر سنوات، ولذلك لم يقبل المصرف الاستثمار في هذا المجال ما دام هذا الضمان موجوداً ، وبحمد الله تعالى أمكن التغلب على هذه العقبة، حيث إن الاستصناع الموازي فيه هذا الضمان أيضاً، فأضيف في العقد أن شركة المقاولات -أي الصانع للمصرف- تضمن المبنى للمصرف أو لمن يحدده المصرف، وفي العقد الآخر يذكر أن عميل المصرف -أي المستصنع- يقبل قبولاً غير قابل للنقض أو الإلغاء ضمان المصرف للمشروع، أو أي طرف آخر يقبل هذا الضمان، وعند التعاقد بعد الانتهاء من المشروع
يتم نقل هذا الضمان، بحيث يكون الإلزام والالتزام بين العميل وشركة المقاولات، وتنتهي مسؤولية المصرف عن جميع العيوب الظاهرة والخفية ، وتبقى المخاطرة عندما يكون المصرف هو المستصنع ولمواجهتها، ومنعها أو التقليل من آثارها ، وضعت الشروط التالية : - يلتزم المقاول بتقديم كفالة مصرفية غير مشروطة لتنفيذ العمل .
المطلوب بموجب بنود الشروط العامة للعقد، وتحدد مدة كافية لصلاحية الكفالة.
ويقوم أيضاً بالتأمين على الموقع والمشروع ضد جميع الأخطار.
مع النص على غرامات التأخير في حالة تأخر المقاول عن إتمام تنفيذ وتسليم المشروع في الموعد المحدد فإنه يتحمل جميع الأضرار التي تنتج عن هذا التأخير، ما لم تكن هناك أسباب قهرية خارجة عن الإرادة. وجواز هذه الغرامات لأنها ليست مرتبطة بدين، ومقدرة بقدر إزالة الضرر، وقد يكون من غير الجائز تحديد الغرامة بمبلغ لا يرتبط بالضرر الفعلي، وذكر من قبل موضوع الضمان والمسؤولية عن العيوب الظاهرة والخفية، وبهذا كله أمكن التقليل من مخاطر الاستصناع بما يبقى فرصة كبيرة للربح دون الخسارة.
*مخاطر الصرف : للصرف ضوابطه الشرعية و التي من بينها التقابض الاني للعملتين الاجنبيتين، والبنوك الربوية لا تلتزم بها، حيث يمكن أن تضارب في البورصة، وتشتري وتبيع بالأجل.
والمشكلة التي صادفت المؤسسات الإسلامية هي مخاطر تغير أسعار الصرف، فقد تكون المؤسسة تتعامل بعملة معينة كالدولار مثلاً، وتدخل في استثمارات بعملة أخرى، كالاستثمار في دولة عملتها غير الدولار، أو الشراء أو البيع الأجل.
فإذا فرضنا أن المؤسسة اشترت سيارات من اليابان، والثمن يدفع بعد شهرين بالين الياباني، تريد أن تعرف الثمن بالدولار، حيث تخشى مخاطر تقلب سعر الصرف، البنوك الربوية تقوم في الحال بتثبيت السعر، وذلك بالاتفاق مع من يقبل المخاطرة، فيسلم الينّ في وقتها بسعر صرف الدولار في الحال، فإن ارتفع سعر الينّ خسر، وإن انخفض ربح، وقد تشتري الين في وقت شراء السيارات، وتودعه بفائدة ربوية مدة الآجل، ومعلوم أن أي تأجيل في الصرف، يعتبر من الربا المحرم، ولذلك فالمؤسسات الإسلامية لا تستطيع أن تسلك هذا المسلك،، ولا أن تودع بفائدة ربوية، ومثل الشراء كذلك البيع، فإذا باعت بالأجل
بعملة غير الدولار، فهي تعرف ربحها الآن تبعاً لسعر الدولار، ولكن عندما تتسلم العملة في الأجل المحدد قد لا تربح وقد تخسر، إذا تغير سعر الصرف تغيراً كبيراً، كما أنه قد يزداد ربحها إذا كان تغير السعر لصالحها ، وقد لا يكون الأمر متصلاً بالبيع والشراء، وإنما بأي نوع آخر من أنواع الالتزام الآجل، والتزامها لغيرها أو التزام غيرها لها ، وإذا كانت المؤسسة الإسلامية لا تتعامل بالربا، سواء أكان في الصرف أم في غيره فانها تتجنب هذه المخاطر عن طريق البيع والشراء ، فإذا كان المصرف ملتزماً بدفع مليون جنيه استرليني في تاريخ معين، فإنه يستطيع أن يشتري بثمن حال سلعة تباع بمليون جنيه استرليني إلى أجل لا يتأخر عن موعد التزامه بالمبلغ المذكور، وفي الموعد يتسلم المبلغ من المشتري ثم يسلمه للدائن. وقد يقل المبلغ قليلاً عن المليون، أو يزيد قليلاً، ولا مخاطرة في ذلك، أما إذا كان المبلغ مثل الدين الذي التزمه به المصرف، فيمكن من البداية أن يقوم بحوالة الدين ، هذا في حالة ما إذا كان المبلغ المذكور ديناً على المصرف، أما إذا كان المبلغ ديناً للمصرف على غيره، ويخشى عند تسلمه في الموعد مخاطرة الصرف، حيث سيقوم بصرف الاسترليني بالدولار الذي يتعامل به، وقد ينتج عنه خسارة كبيرة، فعندئذ الأمر مختلف ، والحل هنا هو أن يشتري بالاسترليني شراءً آجلاً، والآجل لا يسبق موعد تسلم المصرف المليون، بل قد يتأخر عنه، حتى يتسنى للمصرف التسلم أولاً قبل موعد أدائه الثمن الآجل، وحينئذ لا يتعرض لمخاطر الصرف، حيث يتسلم الدين، ثم يسلم المبلغ نفسه للبائع الدائن ، ومن الواضح أن السلعة التي اشتراها بالاسترليني يستطيع أن يبيعها بالدولار، بيعاً أنيا أو آجلا، أو بعملة مرتبطة بالدولار .
التأمين التعاوني يمثل البديل الإسلامي للتأمين التجاري، و يلجا للتأمين مواجهة المخاطر، والمراد بذلك التأمين التعاوني المباح وليس التأمين التجاري المحرم.
و ادا لم تتمكن من التأمين التعاوني، فعلى المؤسسات الإسلامية ألا تلجأ إلى التأمين التجاري إلا عند الضرورة، كأن يكون التأمين إجبارياً، ويلاحظ أن بعض المؤسسات الإسلامية تتساهل في هذا الشأن، فتلجأ إلى شركات التأمين غير الإسلامية مع وجود الإسلامية، فالمصرف بالتأمين يقع في خسارة تقع
مقابل مخاطر قد تحدث و قد لا تحدث، وما يحدث من المخاطر في جملته لا يساوي الخسارة التي وقعت بالفعل، بل يقل عنها بكثير، بل قد لا يتعرض المصرف لأي مخاطر ويخسر كل أقساط التأمين.
إذن عند عدم التأمين على المصرف أن يأخذ في الاعتبار ما يمكن أن يحدث من مخاطر، ثم إن المصرف عادة يحسب تكلفة التأمين في بيع المرابحة ضمن تكلفة المبيع، فإذا لم يقم بالتأمين فإنه يستطيع زيادة الربح بقدر مبالغ التأمين، وإذا كانت النتيجة أن التأمين خسارة فعلية، فإن عدم التأمين يعني زيادة الربح، وإن حدث بعض المخاطر فإنها لا تصل مقدار الربح وهو ما يؤيد قرار تحريم التأمين التجاري غير التعاوني.
ووجدت مؤسسات تقوم بتأمين مخاطر الاستثمار، فإذا كان تأميناً تعاونياً فهو المستحب. ولعل المصارف الإسلامية تشترك في إيجاد نظام تأمين تعاوني، يلبي حاجة كل من يتعرض الى الخطر.
1 xxx xxxxxx xxxxx، "الهندسة المالية الإسلامية بين النظرية و التطبيق"، ص57.