Abstract
طبيعة العلاقة القانونية بين كل من الشركة ............................................................xxxxx xxxxxxxxx
طبيعة العلاقة القانونية بين كل من الشركة القابضة والشركة المتعددة الجنسيات من جهة والشركات التابعة لكل منها من جهة أخرى
تاريخ تسلم البحث: 27/8/2006م تاريخ قبوله للنشر: 17/1/2007م
xxxxx xxxx xxxxxxxxx*
ملخص
لقد بدأنا هذا البحث بمقدمة، بينا فيها الظروف التي أدت إلى ظهور كل من الشركة القابضة والشركة المتعددة الجنسيات. ثم قسمنا البحث إلى مبحثين، عالجنا في المبحث الأول طبيعة العلاقة القانونية بين الشركة القابضة، والشركات التابعة لها، حيث تمَّ في هذا المبحث التعريف بالشركة القابضة، وتمييزها عما قد يختلط بها من مفاهيم (فرع أول) ومسؤولية هذه الشركة الناتجة عن هذه السيطرة (فرع ثانٍ).
أما المبحث الثاني فقد خصص لطبيعة العلاقة القانونية بين الشركة المتعددة الجنسيات والشركات التابعة لها، حيث بينا من المطلب الأول من هذا المبحث الأساليب القانونية المتبعة في تكوين الشركات المتعددة الجنسيات، وخصصنا المطلب الثاني لبيان مسؤولية الشركة المتعددة الجنسيات عن ديون الشركات الوليدة، ثم انهينا هذا البحث بخلاصة تتضمن النتائج التي توصل إليها الباحث.
Abstract
We
started this research by a preface showing the circumstances in
which the holding company and the multinationa companies emerge to
existence. We divided this research in two divisions. The first
division is devoted for the nature of the legal relation between
the holding company and the subsidiary company. In this division we
define the term of the holding company and show the difference
between this term and other terms which may mix with it (first
branch), in the (second branch) we illnstrate the responsibility of
the holding company.
In the second division, we shed light upon the nature of the
legal relation between the multinational company and the subsidiary
companies. In this division we talk about the manners used for the
establishment of the multinational company (first branch), and the
liability of the multinational company about the debts of the
subsidiary companies. Finally-the researcher conclusion with the
study results and recommendations.
* |
أستاذ مشارك، قسم القانون الخاص، جامعة عمان العربية للدراسات العليا. |
المقدمـة:
شهد مطلع النصف الثاني من القرن العشرين بداية مرحلة جديدة في تطور الاقتصاد العالمي، حيث تميزت هذه المرحلة بظهور ما يسمى دولية الإنتاج، فالعوامل المؤثرة في العملية الإنتاجية لم تعد محصورة داخل الدولة الواحدة، وإنما أصبح لها امتدادات خارج حدود الدولة.
لا بل أصبح مفهوم الاقتصاد العالمي يحل محل مفهوم الاقتصاد القومي، بعد أن ساد مبدأ حرية التجارة والصناعة، بالرغم من وجود بعض الاستثناءات، ولكن هذه الاستثناءات لا تجعل التجارة والصناعة امتيازاً أو احتكاراً للدولة فقط، لا بل أخذت الدول تتسابق في تقديم الضمانات للشركات والمؤسسات التي تستثمر في بلادها لأجل تطوير اقتصادها.
وفي ظل هذه الظروف ظهر ما يسمى بنظام مجموعة الشركات، حيث كان لتمكين الشخصية المعنوية من حق تملك الأسهم والحصص، كالأفراد في الشركات الأخرى وإدارتها تبعاً لذلك، أثره الكبير في إنشاء الشركات العملاقة، التي تتكون من شركة يطلق عليها الشركة الأم تساهم في شركات أخرى يطلق عليها الشركات الوليدة أو التابعة، حيث تمتلك الشركة الأم نسبة من رأس مال الشركة أو الشركات الوليدة بما يحقق لها السيطرة على هذه الشركة أو الشركات، رغم استقلال كل شركة منها قانوناً عن الشركة الأم، أي أن هناك وحدة اقتصادية للمجموعة، فإذا كانت الشركة الأم عضواً مهيمناً في مجلس إدارة الشركة التابعة أو مالكاً لأغلبية رأسمالها فقد أصبحت لها السيطرة التامة على الشركة الوليدة، بحيث تستطيع الشركة الأم توجيه الشركة التابعة بما يخدم مصالحها، وبالمقابل أصبحت الشركة الأم تتحمل المسؤولية عن ديون الشركة أو الشركات التابعة، وتتحمل النتائج المترتبة على إفلاسها.
إن هذه الظاهرة برزت على المستويين الداخلي والدولي فعلى المستوى الداخلي يطلق عليها الشركة القابضة، وعلى المستوى الدولي أطلق عليها عدة تسميات، منها الشركة متعددة الجنسيات، أو متعددة القوميات، أو الشركات العابرة للحدود القومية.
وفي نهاية هذه المقدمة لا بد أن xxxx إلى أن ما كتب في الوطن العربي بصورة عامة، وفي المملكة الأردنية الهاشمية بصورة خاصة فهو قليل جداً وخاصة في مجال الشركة القابضة، لذلك آثرنا الكتابة في هذا الموضوع خدمة للحركة العلمية بشكل عام وللاقتصاد الأردني بشكل خاص، حيث تعدُّ ظاهرة الشركة القابضة في الأردن ظاهرة حديثة جداً بسبب الانفتاح الاقتصادي الذي حصل مؤخراً، ومن ابرز مظاهره تشجيع الشركات الأجنبية والوطنية على الاستثمار في الأردن.
وأننا في معالجتنا لهذا الموضوع سوف نقسم هذا البحث إلى مبحثين، هما:
المبحث الأول : طبيعة العلاقة القانونية بين الشركة القابضة والشركات التابعة لها.
المبحث الثاني: طبيعة العلاقة القانونية بين الشركة متعددة الجنسيات والشركات الوليدة.
وسوف ننهي هذا البحث بخاتمة تحتوي على ما توصل إليه البحث من نتائج.
المبحث
الأول
طبيعة
العلاقة
القانونية
بين
الشركة
القابضة
والشركات
التابعة
لها
سبق وأن ذكرنا في مقدمة هذا البحث أن الظروف التي أدت إلى ظهور مجموعة الشركات، سواء على المستوى الداخلي أو الدولي في مطلع النصف الثاني من القرن العشرين هي أن هذه المرحلة تشكل نقطة تحول في تطور الاقتصاد العالمي في ظل نظام ما يسمى بالاقتصاد الحر، وما رافق هذا النظام من تركيز اقتصادي أدى إلى ظهور مشاريع عملاقة، حيث أخذت هذه المشاريع تسيطر على قطاعات واسعة من التجارة عن طريق عقد اتفاقات بين عدة شركات هدفها احتكار إنتاج سلع معينة، وتسويقها، ووضع سياسة موحدة للأسعار.
وقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي الحاضنة الأولى لمثل هذه الشركات التي اندمجت فيما بعد للسيطرة على الأسواق العالمية، وذلك بإنشاء شركات متعددة الجنسيات.
وهذا ما دفع الدول الأوروبية إلى إنشاء شركات قابضة للوقوف بوجه هذه الشركات في الداخل، ومن ثم منافستها في الخارج عن طريق إنشاء شركات متعددة الجنسيات.
ولغرض الإحاطة بطبيعة العلاقة القانونية بين الشركة القابضة، والشركات التابعة لها، سوف نقسم هذا المبحث إلى مطلبين:
يخصص المطلب الأول للمفهوم القانوني للشركة القابضة.
أما المطلب الثاني فلسيطرة الشركة القابضة على الشركات التابعة لها.
المطلب الأول: المفهوم القانوني للشركة القابضة:
لغرض التعرف على المفهوم القانوني للشركة القابضة سوف نقسم هذا المطلب إلى فرعين:
يخصص الفرع الأول للتعريف بالشركة القابضة.
ويخصص الفرع الثاني للتمييز الشركة القابضة عما يختلط بها من مفاهيم.
الفرع الأول: التعريف بالشركة القابضة:
لا يوجد تعريف متفق عليه للشركة القابضة، لذلك يطلق البعض تعبير الشركة الأم للدلالة على الشركة القابضة، على اعتبار أن هذه الشركة الأم قد ساهمت في تأسيس شركة أو شركات أخرى خاضعة لسيطرتها تسمى بالشركات التابعة، وكان مصدر السيطرة على هذه الشركات التابعة هو تملك نسبة كبيرة من رأسمالها، بحيث تمكنها تلك النسبة من توجيه هذه الشركات بما يحقق أهدافها.
وقد يستعمل تعبير الشركة المسيطرة للدلالة على الشركة القابضة لإبراز سيطرة الشركة الأم على شركة أو شركات أخرى، عن طريق تملك نسبة كبيرة من رأسمالها(1).
ويعرف البعض(2) الشركة القابضة بأنها الشركة التي لها سيطرة معينة على شركة أخرى تسمى بالشركة التابعة، بحيث تستطيع الأولى أن تقرر من يتولى إدارة الشركة التابعة، أو أن يؤثر على القرارات التي تتخذها الهيئة العامة للشركة.
وعرفها البعض الآخر(3) بأنها شركة تملك أسهماً في عدة شركات أخرى تسمى بالشركات التابعة بالقدر الكافي الذي يمكنها من السيطرة على إدارة الشركة بتقرير من الذي يتولى إدارة الشركات التابعة، وكيفية تسيير أمور الشركات التابعة وإدارتها.
ويعرفها رأي آخر(4) بأنها شركة يكون نشاطها الرئيسي أو الوحيد تملك محفظة أوراق مالية وإدارتها تمثل مشاركتها في رأس مال شركات أخرى، يطلق عليه بالشركات الوليدة.
ونتيجة للسيطرة المالية والإدارية للشركة الأم على الشركات التابعة لها، عرف البعض(5) الشركة القابضة بأنها مركز السيطرة، أو مخ مجموعة الشركات الوليدة وعقلها(6).
إن التنوع في هذه التعريفات الفقهية سببه الاختلاف في الزاوية التي ينظر منها الفقهاء إلى الشركة القابضة، فنرى أن جانب من الفقه الأنجلوأمريكي يركز على سيطرة الشركة الأم على الشركة التابعة، بسبب تملكها أسهماً في رأسمالها، وهذا يشمل كافة الشركات التجارية كافة دون تحديد نوع الشركة، سواء كانت شركة أشخاص أو شركة أموال.
ويركز جانب آخر من هذا الفقه على سيطرة الشركة الأم على الشركة التابعة، بسبب احتكارها لحق تعيين أعضاء مجلس إدارة الشركة التابعة للحصول على أغلبية الأصوات التي تمكنها من توجيه الشركة التابعة بالاتجاه الذي يحقق مصالحها(7).
ويركز الفقه الفرنسي على استقلال الشخصية المعنوية للشركة التابعة عن الشخصية المعنوية للشركة الأم، إلا أن الشركة التابعة تعدُّ خاضعة للشركة الأم باعتبار أن هذه الأخيرة هي صاحبة القرار، ولم يرد ذكر للشركة القابضة في القوانين العربية عدا قانونين هما القانون اللبناني، والقانون الأردني.
فبالنسبة إلى لبنان فقد عدّت المادة (2) من المرسوم الاشتراعي اللبناني رقم 45 لعام 1983 الشركة القابضة، كل شركة مساهمة عامة ينحصر موضوع نشاطها ببعض الأعمال التي ينص عليها هذا القانون، ولا يحق لها تجاوزها إلى غيرها من الأعمال، وهذه الأعمال هي:
تملك أسهم، أو حصص في شركات مساهمة عامة، أو محدودة المسؤولية لبنانية
أو أجنبية، سواء كانت قائمة أو الاشتراك في تأسيسها.إدارة الشركات التي تملك فيها حصص شراكة، أو مساهمة.
إقراض الشركات التي تملك فيها حصص شراكة، أو مساهمة.
تملك براءات الاختراع، أو الاكتشافات والامتيازات والماركات المسجلة، وغيرها من الحقوق، ويحق لها تأجيرها لمؤسسات خارج لبنان.
تملك الأموال منقولة، أو غير منقولة، شرط أن تكون مخصصة لحاجات أعمالها فقط مع مراعاة أحكام القانون فيما يتعلق بتملك غير اللبنانيين للحقوق العينية العقارية.
أما
بالنسبة
للقانون
الأردني
فقد
عرفت
المادة
(204/أ)
من
قانون
الشركات
رقم
(22)
لسنة
1997
الشركة
القابضة
بقولها:
(الشركة
القابضة
هي
شركة
مساهمة
عامة
تقوم
بالسيطرة
المالية
والإدارية
على
شركة
أو
شركات
أخرى
تدعى
الشركات
التابعة
بواحدة
من
الطرق
التالية....).
يظهر من تعريفي القانون الأردني والقانون اللبناني للشركة القابضة أنهما تشترطان أن تكون الشركة الأم شركة مساهمة عامة، كما بينا طرق سيطرة الشركة الأم على الشركة التابعة، وقد حددا المهام التي تقوم بها الشركة القابضة، وهذا ما سنتطرق إليه لاحقاً.
نستنتج من التعريفات الفقهية والتشريعية للشركة القابضة أنه لكي نكون أمام شركة قابضة يشترط توفر الشروط التالية:
وجود شركة تدعى الشركة الأم.
أن توجد شركة، أو شركات تابعة تستأثر الشركة الأم على نسبة كبيرة من أسهمها.
أن تسيطر الشركة الأم على الشركات التابعة عن طريق تملك نسبة كبيرة من أسهمها.
أن تتمتع الشركة التابعة بشخصية قانونية مستقلة عن الشركة الأم.
الفرع الثاني: تمييز الشركة القابضة عما يختلط بها من مفاهيم:
يوجد في الواقع العملي نوع من التقارب أو التكتل بين بعض الشركات، وإن هذا التقارب، أو التكتل يجعلها، أحياناً، تختلط بمفهوم الشركة القابضة، لذلك ارتأينا أن نزيـل
هذا اللبس لدى القارئ لهذا البحث:
1) الشركة القابضة والمشروع المتعدد الجنسيات: قد تنشأ شركة قابضة يكون مقر الشركة الأم فيها في دولة معينة، وتدير الشركات التابعة لها مشاريع في دول أخرى غير دولة الشركة الأم، وبذلك فهي تمارس دور المشروع المتعدد الجنسيات، إلا أن هناك فارقاً جوهرياً بين الشركة القابضة والمشروع المتعدد الجنسيات، حيث أن تعبير المشروع المتعدد الجنسيات هو تعبير اقتصادي يطلق على وحدات قانونية تقع في أكثر من دولة تمارس نشاطاً اقتصادياً معيناً في تلك الدول، وأن هذه الوحدات قد تأخذ أشكالاً مختلفة فقد يكون المركز الرئيسي شركة، أو مكتباً لمدير يدير مشاريع في دول متعددة تعمل تحت تشكيلات مختلفة(8).
ويرى البعض(9) أن المشروع المتعدد الجنسيات هو عبارة عن كيانات متعددة لكل منها هويته المستقلة وموطنه المستقل، إلا أنها جميعاً تخضع لإدارة مركزية واحدة(10).
كما أن المشروع المتعدد الجنسيات قد ينشأ عن طريق علاقة نظامية؛ أي على هيئة شركات متعددة تنظم علاقتها قواعد قانونية معينة، كالشركة القابضة، وقد ينشأ عن علاقة عقدية فرضتها ظروف معينة، كأن تكون الوحدة العاملة في إحدى الدول بحاجة إلى تقنية، أو أموال متوفرة لدى وحدة في دولة أخرى، فيتم التعاقد بينهما للاستثمار في مشروع اقتصادي في دولة ثالثة(11).
وقد ينشأ المشروع المتعدد الجنسيات بموجب اتفاقية دولية بين دولتين أو أكثر لإنشاء مجموعة تستثمر في أكثر من دولة، International Companies(12). وقد قضت المادة (207) من قانون الشركات الأردني بجواز تأسيس شركات قابضة في المملكة الأردنية الهاشمية بموجب اتفاقيات تبرمها حكومة المملكة الأردنية مع الحكومات الأخرى، أو المنظمات العربية، أو الدولية، وذلك في الحالات غير المنصوص عليها في اتفاقيات تأسيسها، أو في عقودها وأنظمتها التأسيسية.
من كل ما تقدم يظهر أن مفهـوم المشروع المتعدد الجنسيـات هو أوسع نطاقاً من
مفهوم الشركة القابضة، حيث تعدُّ الشركة القابضة نوعاً من أنواع المشروع المتعدد الجنسيات.
2) الشركة القابضة وشركة الاستثمار: تملك كل من الشركة الأم في الشركة القابضة وشركة الاستثمار نسبة من الأسهم في شركة أو شركات أخرى. إلا أن الفرق بين عملية تملك الشركة الأم في الشركة القابضة أسهماً في شركات أخرى وتملك شركة الاستثمار لتلك الأسهم، هو أن الشركة الأم في الشركة القابضة لتلك الأسهم هو بنية السيطرة والهيمنة على تلك الشركة أو الشركات، لذلك أطلق عليها الشركة الوليدة أو التابعة.
أما تملك شركة الاستثمار لتلك الأسهم فهو بقصد الاستثمار للحصول على نسبة من الأرباح، وليس لديها نية الهيمنة أو السيطرة على تلك الشركة أو الشركات. ولكن ليس من السهولة التعرف على نية السيطرة هذه، إلا أن هناك بعض الوقائع قد تساعد على اكتشاف نية السيطرة منها، نسبة الأسهم التي تملكها الشركة في الشركة أو الشركات الأخرى، فإذا كانت هذه النسبة عالية فهذا مؤشر على وجود نية السيطرة، أما إذا كانت نسبة تملك الأسهم قليلة فهذا مؤشر على نية الاستثمار. ومما تجدر الإشارة إليه هو أن المادة (205/ب) من قانون الشركات الأردني رقم 22 لسنة 1997 قد نصت على أن من غايات الشركة القابضة هو استثمار أموالها في الأسهم والسندات والأوراق المالية، وهذا ما دفع البعض(13)13 إلى القول إن القانون الأردني لم يفرق بين الشركة القابضة وشركة الاستثمار، إلا أننا لا نتفق مع هذا الرأي، وذلك لأن السيطرة ما هي إلا بقصد الاستثمار، فنية السيطرة والاستثمار، بقصد الربح، هما توأمان لا يمكن فصلهما لدى الشركة القابضة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن المادة (204/أ/1) من قانون الشركات الأردني قد اشترطت أن تملك الشركة الأم أكثر من نصف رأسمال الشركة أو الشركات التابعة لكي نكون أمام شركة قابضة، في حين لم يشترط هذا القانون تملك نسبة معينة بالنسبة لشركة الاستثمار المشترك(14). ومما يدلل أيضاً على وجود نية السيطرة، وبالتالي نكون أمام شركة قابضة، هو وجود تماثل أو تكامل بين مشروعي الشركة الأم والشركة التابعة، كأن تنتج كلا الشركتين نفس السلعـة، أو أن الشركة الأم تنتج العطـور
بينما تنتج الشركة التابعة، أواني زجاجية خاصة لتعبئة تلك العطور.
3) الشركة القابضة والشركة الشقيقة Sister Company: تعدُّ الشركة شقيقة لشركة أخرى إذا كانت الهيئة العامة التي تتكون من المساهمين في الشركة هي نفس أعضاء الهيئة العامة للشركة الأخرى. ولا تعدُّ الشركة الشقيقة تابعة من الناحية القانونية للشركة الأخرى، فكل من الشركتين مستقلة عن الأخرى، وقد يتماثل مجلس الإدارة كل من الشركتين أو لا يتماثل، لأن ذلك أمر منوط بهيئتها العامة. بينما الصفة التي تميز الشركة القابضة هي سيطرة الشركة الأم على الشركة التابعة أو الوليدة(15).
4) الشركة القابضة واتفاق المنتجين: اتفاق المنتجين هو عقد يبرم بين شركتين أو أكثر، لوضع سياسة موحدة بشأن مسائل معينة للمحافظة على مصالحها، كالاتفاق على سياسة معينة لتوحيد الأسعار، أو تحديد الإنتاج، أو تقسيم الأسواق جغرافياً فيما بينها، أو التعامل بسلع معينة، وان كل شركة تبقى مستقلة عن الأخرى، وكثيراً ما تصطدم مثل تلك الاتفاقات بالقوانين التي تمنع الاحتكار، والقوانين التي تحرم الاتفاقات التي تعرقل المنافسة المشروعة(16).
المطلب الثاني: سيطرة الشركة القابضة على الشركات التابعة له:
رأينا، من خلال عرضنا للمفهوم القانوني للشركة القابضة في المطلب الأول، أن أهم ما يميز الشركة القابضة عما قد يختلط بها من مفاهيم هو فكرة سيطرت الشركة الأم في الشركة القابضة على الشركات التابعة لها.
وللوقوف على أبعاد هذا الموضوع سوف نقسم هذا المطلب إلى فرعين، وهما:
الفرع الأول: الأساليب القانونية المتبعة لسيطرة الشركة القابضة على الشركات التابعة لها.
الفرع الثاني: المسؤولية الناتجة عن سيطرة الشركة القابضة على الشركات التابعة لها.
الفرع الأول: الأساليب القانونية المتبعة لسيطرة الشركة القابضة على الشركات التابعة لها:
عندما تقوم الشركة الأم بتملك أسهمٍ في رأس مال الشركات التابعة لم يكن غرضهـا
مجرد الاستثمار، وإنما غايتها الأساسية السيطرة على تلك الشركات التابعة لتكوين مشروع اقتصادي متكامل، عمودياً وأفقياً، يبدأ من الحصول على المواد الأولية، ومن ثم التصنيع والتسويق، ويكون على رأس هذا المشروع الشركة الأم التي تتولى وضع إستراتيجية معينة تسير عليها الشركات التابعة، ولكي تضمن الشركة الأم التزام الشركات التابعة لها بهذه الإستراتيجية تقوم بتعيين أعضاء مجالس إدارة هذه الشركات لغرض السيطرة عليها، وتتجلى مظاهر هذه السيطرة في تحديد السياسة الاستثمارية والمالية، ووضع الخطة الإنتاجية.
وبالنسبة للقانون الأردني فقد نصت المادة (205) من قانون الشركات الأردني على ان (تكون غايات الشركة القابضة ما يلي:
إدارة الشركات التابعة لها، أو المشاركة في إدارة الشركات الأخرى
التي تساهم فيها.استثمار أموالها في الأسهم، والسندات، والأوراق المالية.
تقديم القروض، والكفالات، والتمويل للشركات التابعة لها.
تملك براءات الاختراع، والعلامات التجارية، وحقوق الامتياز، وغيرها من الحقوق المعنوية، واستغلالها، وتأجيرها للشركات التابعة لها لغيرها).
ويلاحظ من نص المادة المذكورة أعلاه، أن التعداد الوارد في هذه المادة والذي يمثل غايات الشركة القابضة، إن هذه الغايات قد جاءت على سبيل الحصر، فلا يحق للشركة القابضة أن تمارس أي عمل غير ما ذكر أعلاه. كما يلاحظ من طبيعة الأعمال المذكورة أعلاه، أنه لا يحق للشركة القابضة الاتصال مباشرة بالجمهور وأن تحقق أهدافها من خلال الشركات التابعة لها، عن طريق سيطرتها على هذه الشركات(17).
ونفس الشيء يقال بالنسبة للمادة (2) من المرسوم الاشتراعي اللبناني رقم (45) لسنة 1983م التي سبق ذكرها(18)، حيث بينت هذه المادة، وعلى سبيل الحصر، غايات الشركة القابضة، وهي مشابهة تقريباً لغايات الشركة القابضة الأردنية، حيث نستشف منها أن الشركة القابضة تحقق أهدافها، من خلال سيطرتها على الشركات التابعة لها، وهذا أيضاً يبرر فكرة سيطرة الشركات القابضة على تلك الشركات، أما فيما يتعلق بالأساليب القانونية المتبعة لسيطرة الشركة القابضة على الشركات التابعة. فهناك عدة أساليب قانونية يمكن أن تسلكها إحدى الشركات للسيطرة على شركة أخرى فتسمى الأولى شركة قابضة، وتسمى الثانية شركة تابعة، ومن هذه الأساليب:
1) تملك الشركة القابضة نسبة كبيرة من أسهم الشركة التابعة، وبذلك فقد عرف قانون الشركات الإنجليزي الصادر سنة 1948م المعدل سنة 1985م، ثم في سنة 1989م الشركة القابضة بأنها: (الشركة القابضة هي التي تمتلك أكثر من نصف أسهم رأس مال شركة أو شركات أخرى، أو تسيطر على تشكيل مجالس إدارتها). كما نصت المادة (355/1/2) من قانون الشركات الفرنسي الصادر في 24 يوليو 1966م بأنْ تعدُّ الشركة قابضة (حين تحوز مباشرة أو بصورة غير مباشرة، جزءاً من رأس مال شركة أخرى يعطيها أغلبية حقوق التصويت في الهيئة العامة للشركة)، وبالنسبة لقانون الشركات الأردني فقد اشترطت المادة (204/أ/1) منه بأن تمتلك إحدى الشركات أكثر من نصف رأسمال شركة أخرى لكي تصبح شركة قابضة. ويظهر مما تقدم أن إحدى الوسائل التي تمكن الشركة القابضة من السيطرة على الشركة التابعة هو تملكها نسبة لا تقل عن 51% من رأسمالها، وأن الشركة القابضة، بتملكها هذه النسبة، ما هي إلا مجرد شريك في الشركة التابعة، لكنها، بتملكها لهذه النسبة، تستأثر على الأغلبية في الهيئة العامة للشركة، هذه الأغلبية التي تمكنها من تعيين مجلس إدارة الشركة التابعة، وأن مجلس الإدارة هذا يعمل بتوجيه من الشركة القابضة، وبذلك تستطيع الشركة القابضة توجيه الشركة التابعة بالاتجاه الذي يحقق أهدافها، رغم أن الشركة التابعة من الناحية القانونية تتمتع بشخصية قانونية مستقلة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن المادة (206/أ/1) قد أشارت إلى أن سيطرة الشركة القابضة على الشركة الوليدة، من خلال تملك نسبة لا تقل عن 51%، قد يتم عن طريق تأسيس شركات جديدة تابعة، أو المساهمة في شركات كانت قائمة أصلاً. وقد اشترطت المادة المذكورة بأن تكون الشركة القابضة شركة مساهمة عامة، وأن تكون الشركات التي تريد الشركة القابضة المساهمة فيها وجعلها شركات تابعة لها إما شركات مساهمة عامة، أو شركات محدودة المسؤولية، أو شركات توصية بالأسهم، وأن تعمل هذه الشركات بنفس الغايات التي حددتها المادة (205) من قانون الشركات للشركة القابضة، وقد قضت المادة (206/أ/2) من قانون الشركات الأردني بأنه إذا كانت هناك شركة مساهمة عامة قائمة أصلاً، وأرادت أن تعمل من نفسها شركة قابضة، فعليها أن تقوم بتعديل غاياتها المثبتة في عقد تأسيسها ونظامها الأساسي، وجعل تلك الغايات في نطاق ما ورد في المادة (205) من قانون الشركات(19).
2) ومن الأساليب التي تتبعها الشركة القابضة للسيطرة على الشركة الوليدة هي السيطرة على إدارة الشركة الوليدة(20). حيث تستطيع الشركة القابضة السيطرة على إدارة الشركة الوليدة باللجوء إلى أحد الأسلوبين التاليين: أ. أن تتملك الشركة القابضة نسبة 51% أو أكثر من أسهم الشركة التابعة، وتستطيع بذلك أن تحوز على أغلبية الأصوات في الهيئة العامة، بحيث تستطيع أن تتحكم بقرارات الشركة التابعة، وبتعيين أو عزل أعضاء مجلس أدارتها. ب. قد ينص نظام الشركة التابعة على حق الشركة القابضة في تعيين أعضاء مجلس إدارتها أو عزلهم، وبذلك يتحقق للشركة القابضة السيطرة الإدارية على الشركة التابعة، دون أن تمتلك نسبة معينة من الأسهم تمكنها من السيطرة على الهيئة العامة، ويحصل، أحياناً، أن تسيطر الشركة (أ) على إدارة الشركة (ب) عن طريق تملك نسبة كبيرة من أسهمها، ثم تسيطر الشركة (ب) على إدارة الشركة (ج) فتصبح الشركة (ب) شركة قابضة بالنسبة للشركة (ج)، وتصبح الشركة (أ)، أيضاً، شركة قابضة بالنسبة للشركة (ج)، ولو لم تملك أسهماً في رأسمالها(21).
3) تعدُّ عملية الانشطار إحدى الأساليب التي يمكن اللجوء إليها لكي تقوم الشركة القابضة بالسيطرة على الشركة التابعة. وتحصل عملية الانشطار عندما تقوم إحدى الشركات الكبرى بتقسيم أعمالها عن طريق إجراء عملية انشطار في هيكلية الشركة، ويتولد عن هذا الانشطار نشوء شركة أو أكثر، تكون كل شركة متخصصة بعملية من العمليات، كأن تكون إحدى هذه الشركات متخصصة بالإنتاج، وأخرى بالتسويق، وتنشأ من بين هذه الشركات الشركة الأم التي تسيطر على الشركات الأخرى، إما عن طريق تملك نسبة 51% أو أكثر من رأس المال، أو السيطرة على تعيين أعضاء مجلس الإدارة أو عزلهم(22).
4) السيطرة بأسلوب الاندماج، ويعني ذلك أن يحصل اتفاق بين شركتين أو أكثر على حل نفسيهما، ونقل موجودات كل منهما وديونهما إلى الشركة الجديدة التي يتم إنشائها على أنقاض الشركات المنحلة. إن هذا الاندماج يحصل عادة بين شركة وطنية وشركة أجنبية، ثم تتبع الشركتان إلى شركة أخرى موجودة في الخارج، مما ينشأ عنه شركة متعددة الجنسيات. لذا سنتطرق لهذا الموضوع وما يرافقه من إشكالات في المبحث الثاني، الذي يعالج طبيعة العلاقة القانونية بين الشركة المتعددة الجنسيات والشركات الوليدة.
وختاماً لا بد من الإشارة إلى أن المادة (207) من قانون الشركات الأردني، إذْ إنها قد استحدثت حالة جديدة لإنشاء شركات قابضة، وذلك عن طريق عقد اتفاقات تبرمها حكومة المملكة الأردنية الهاشمية مع الحكومات الأخرى، أو المنظمات العربية، أو الدولية.
لفرع الثاني: المسؤولية الناتجة عن سيطرة الشركة القابضة على الشركات التابعة لها:
سبق أن ذكرنا بأن الشركة التابعة تتمتع بشخصية معنوية مستقلة عن الشركة القابضة، إلا أن هذا الاستقلال ما هو إلا استقلالٌ قانونيٌ وليس واقعياً.
ذلك أن الشركة القابضة في الواقع تدير مشروعاً اقتصادياً متكاملاً، وهذا المشروع الذي تتربع على قمته الشركة الأم (القابضة) يسمح لهذه الشركة بأن تفرض سيطرتها الإدارية والمالية على الشركات التابعة لها، وهذا ما شكل الأساس القانوني لمسؤولية الشركة القابضة عن ديون الشركة التابعة، على اعتبار الشركة القابضة تعدُّ مديراً للشركة التابعة، كما أنها تعدُّ مساهماً كبيراً في رأس مال الشركة التابعة، مما يمكنها من تعيين أعضاء مجلس الإدارة، أو عزلهم، ومن ثم السيطرة على قرارات هذا المجلس.
أولاً: مسؤولية الشركة القابضة باعتبارها مديراً للشركة التابعة:
إن تملك الشركة القابضة على نسبة كبيرة من أسهم الشركة التابعة أعطاها الإمكانية
بتعيين أعضاء مجلس إدارة الشركة التابعة، أو عزلهم، ومن ثم السيطرة على مجلس إدارتها، وهذا ما أعطاها وصف المدير، وأن توقيع المدير وما يقوم به من تصرفات تتعلق بالشركة، وتقع ضمن صلاحياته ينصرف أثره إلى الشركة، وهذا هو ما أكدته محكمة النقض المصرية(23).
وكانت محكمة السين الفرنسية أول من سار بهذا الاتجاه، حيث عدّت الشركة الأم مسؤولة عن ديون الشركة التابعة، استناداً إلى ما يسمى بهيمنة سيد المشروع، حيث تهيمن الشركة الأم عن طريق مديرها المعين في الشركة الوليدة، والمهيمن على مقدرات هذه الشركة ويتصرف فيها وكأنها مشروعه الخاص.
ففي حكم صادر لها في 8 يونيو 1938م(24) قضت هذه المحكمة أن السيطرة الإدارية التي تمارسها الشركة الأم على الشركة الوليدة مباشرة، أو عن طريق وسيط يجعل مديري الشركة الوليدة يخضعون، عندما يمارسون نشاطهم، لسيطرة مجلس إدارة الشركة الأم، فتبدو الشركة الوليدة وكأنها واجهة للشركة الأم، وبما أن الشركة الأم تمتلك معظم رأسمال الشركة الوليدة فتبدو ذمتها المالية مختلطة، وتبدو الميزانية بأرباحها وخسائرها واحدة في الشركتين.
وبما أن الشركة القابضة هي شخص معنوي، وأنها لا تستطيع التعبير عن إرادتها إلا من خلال شخص طبيعي يمثل إرادتها في إدارة الشركة التابعة، لذلك فهي، وبناء على ما تملكه من حصة كبيرة في رأس مال الشركة التابعة، تقوم بتعيين أشخاص يمثلونها في مجلس إدارة الشركة التابعة، وهي بالتالي مسؤولة عن تصرفاتهم.
وهذا ما ورد في المادة (204/د) من قانون الشركات الأردني عندما قضت بأن تقوم الشركة القابضة بتعيين ممثليها في مجالس إدارة الشركة التابعة بنسبة مساهمتها. كما قضت المادة (205/أ) من قانون الشركات أعلاه بأن من غايات الشركة القابضة هو إدارة الشركات التابعة لها أو المشاركة في إدارة الشركات الأخرى التي تساهم فيها.
وتظهر
هيمنة
الشركة
القابضة
على
الشركة
التابعة
بوضوح،
من
خلال
المادة
(206/أ/1)
من
قانون
الشركات
الأردني،
عندما
قضت
بأن
إحدى
طرق
تأسيس
الشركة
القابضة
هو
أن
تؤسس
شركة
مساهمة
عامة
تنحصر
غاياتها
في
الأعمال
المنصوص
عليها
في
المادة
(205)،
وفي
تأسيس
شركات
تابعة
لها،
بحيث
تخدم
هذه
الشركات
التابعة
أغراض
الشركة
القابضة.
ثانياً: مسؤولية الشركة القابضة باعتبارها مساهماً كبيراً في الشركة التابعة:
لقد أقيمت مسؤولية الشركة القابضة عن ديون الشركة التابعة في بداية الأمر تحت مسمى استخدام المدير (الشركة القابضة) لأموال الشركة التابعة لأغراضه الخاصة، وكما تقوم الشركة القابضة بتحويل أرباح الشركة التابعة إلى حساباتها الخاصة، وبذلك فهي تتحمل المسؤولية عن ديون الشركة التابعة(25).
إلا إننا مع الرأي القائل: بأن لا داعي للجوء لمثل هذا التبرير لإقامة مسؤولية الشركة القابضة عن ديون الشركة التابعة؛ لأن، وكما ذكرنا سابقاً، الشركة القابضة مع الشركات التابعة تشكل وحدة اقتصادية متكاملة تتجمع لديها كافة الحسابات المالية، وخاصة عندما تكون الشركة التابعة مملوكة بالكامل للشركة القابضة، فبإلقاء نظرة على ميزانية الشركة القابضة يظهر لديك بوضوح بأن هذه الميزانية ما هي إلا ميزانية تجمع حسابات الشركة القابضة والشركات التابعة لها.
وهذا يعني أن هناك تكاملاً مالياً واقتصادياً بين الشركة القابضة والشركات التابعة لها. مما يعني وحدة المسؤولية تجاه ديون الشركة التابعة. وهذا ما دعا البعض(26) إلى القول بأنه يحق للمحكمة، في حالة تحقق ديون على إحدى الشركات التابعة، أن تتخذ إجراءات جماعية ضد مجموعة الشركات المكونة للشركة القابضة، باعتبارها وحدة اقتصادية واحدة، رغم أن كلاً منها تعدُّ شركة مستقلة، لأن الشخصية المعنوية المستقلة لكل من هذه الشركات ما هي إلا شخصية رمزية، لا وجود لها من حيث الواقع.
إذن الأصل هو احترام استقلال الشخصية المعنوية لكل من الشركة القابضة والشركة التابعة، إلا إنه، وبسبب هذا التداخل المالي والاقتصادي بين الشركتين، جعل الشركة القابضة مسؤولة عن ديون الشركة التابعة.
وفي الواقع أن دائن الشركة التابعة لا يلجأ لمطالبة الشركة القابضة بتسديد ديونه، إذا كان الوضع المالي للشركة التابعة جيداً، وإنما يلجأ إلى وحدة المسؤولية، إذا كان وضع الشركة التابعة متدهوراً.
وختاماً، لا بد من الإشارة إلى أن قانون الشركات الأردني قد اظهر، وبوضوح، الوحدة المالية بين الشركة القابضة والشركات التابعة لها عندما قضت المادة (208) منه بأنه على الشركة القابضة أن تعد في نهاية كل سنة مالية ميزانية مجمعه، وبيانات الأرباح، والخسائر، والتدفقات النقدية لها، ولجميع الشركات التابعة لها، وأن تعرضها على الهيئة العامة مع الإيضاحات والبيانات المتعلقة بها، وفقاً لما تتطلبه معايير المحاسبة وأصولها، ومعايير التدقيق الدولية المعتمدة.
المبحث
الثاني
طبيعة
العلاقة
القانونية
بين
الشركة
المتعددة
الجنسيات
والشركات
الوليدة
هناك
عدة
طرق
وأساليب
تتبع
في
تكوين
الشركات
المتعددة
الجنسيات،
حيث
ينتج
عن
ذلك
شركة
أم،
تسيطر
على
مجموعة
من
الشركات،
يطلق
عليها
الشركات
الوليدة
أو
التابعة،
وينشأ
عن
هذه
السيطرة
مسؤولية
على
الشركة
الأم
تجاه
الشركات
التابعة
لها.
لذا
سوف
نقسم
هذا
المبحث
إلى
مطلبين:
المطلب الأول : الأساليب القانونية المتبعة في تكوين الشركات متعددة الجنسيات.
المطلب الثاني: مسؤولية الشركة المتعددة الجنسيات عن ديون الشركات التابعة لها.
المطلب الأول: الأساليب المتبعة في تكوين الشركات متعددة الجنسيات:
قبل الدخول في موضوع الأساليب المتبعة في تكوين الشركات المتعددة الجنسيات، لا بد من تسليط الضوء على مفهوم الشركة المتعددة الجنسيات.
في الحقيقة، لا يوجد تعريف محدد للشركة المتعددة الجنسيات، حيث يركز البعض على الجانب الاقتصادي فيعرفها بأنها: (مجموع اقتصادي وقانوني مكون من شركة أم، وشركات وليدة، وتمارس وحدة الإدارة داخل هذا المجموع من عدة أشخاص قانونية)(27).
ومن التعريفات ما يركز على الصفة الدولية للنشاط الذي تمارسه هذه الشركات فيعرفها: (بأنها مجموع شركات وليده، أو تابعة تزاول كل منها نشاطاً إنتاجياً في دول مختلفة، وتخضع لسيطرة شركة واحدة هي الشركة الأم التي تقوم بإدارة هذه الشركات الوليدة كلها في إطارات عالمية موحدة)(28).
كما عرفها البعض بأنها: (الشركات التي يتعدى نشاطها حدودها الوطنية إلى دول أخرى عديدة، ولكن مركز الشركة الأم ينتمي لدولة واحدة ترسم منها خطط الإنتاج والتوزيع، واتخاذ القرارات التي تنفذ عبر فروعها، أو شركاتها الوليدة في الدول الأخرى)(29) وقد جاء في تقرير السكرتير العام للمجلس الاقتصادي الاجتماعي التابع للأمم المتحدة الذي قدمه عام 1974م تعريف لهذه الشركة بأنها:
(مشاريع تمتلك وتسيطر على العناصر الإنتاجية، وتقدم خدمات خارج دولة إنشائها، وقد تكون هذه المشاريع أشخاص قانون عام، أو أشخاص قانون خاص)(30).
بعد هذا العرض السريع للتعريف بالشركة المتعددة الجنسيات، سوف نتولى بيان الأساليب المتبعة في تكوين الشركات متعددة الجنسيات.
تتخذ الشركة متعددة الجنسيات، في الغالب، شكل شركة مساهمة، لما لهذا النوع من الشركات من قدرة خاصة على تجميع رؤوس الأموال التي تمكنها من تأدية وظائف اقتصادية هامة، على المستوى العالمي، كما تتمتع بميزة مهمة بأن رأس مالها يتكون من أسهم تمكن أصحاب رؤوس الأموال من تملك هذه الأسهم عن طريق المشاركة في التأسيس، أو بالشراء. وهذا ما يسهل على الشركة الأم من إنشاء فروع لها في الدول المضيفة، أو السيطرة على هذه الفروع التي كانت قائمة أصلاً، عن طريق شراء نسبة كبيرة من أسهمها.
وفيما يتعلق بطرق تكوين الشركات متعددة الجنسيات، فهناك عدة طرق لتكوين هذه الشركات، وسوف نخصص لكل طريقة من هذه الطرق فرعاً مستقلاً.
الفرع الأول: الاندماج:
الاندماج هو إحدى الطرق القانونية التي يقصد بها توحيد الشركات، وذلك بإعادة تجميع وسائل إنتاجها، وقد يحصل هذا الاندماج بشكل أفقي، بأن يتم دمج شركتين من نفس المستوى الإنتاجي، أي ينتجان نفس الخدمة بقصد الاستفادة من مزايا الإنتاج الكبير، وقد يكون الاندماج رأسياً، وهو ما يتم عادة بين شركتين تنتج كل منهما سلعة مكملة للأخرى أو يتوقف على إنتاج إحداهما إنتاج الشركة الاخرى(31)، ويعدُّ الاندماج وسيلة التركيز الاقتصادي، وظهور المشروعات الضخمة، بحيث تصبح الشركات المندمجة تحت إدارة واحدة، لذلك فإن من دوافع الاندماج الرغبة في السيطرة.
وقد عرف الدكتور محسن شفيق الاندماج بالمعنى القانوني بقوله هو (فناء شركة أو أكثر في شركة أخرى، أو فناء شركتين أو أكثر وقيام شركة جديدة تنتقل إليها ذمم الشركات التي فنيت)(32).
كما عرفته الدكتورة سميحة القيلوبي بأنه: (اجتماع شركتين أو أكثر في شركة واحدة، سواء بانضمام شركة إلى أخرى، حيث تفقد الشركة المندمجة شخصيتها القانونية لصالح الشركة المندمجة فيها أو الدامجة، وهو ما يسمى الاندماج بطريق الضم أو بانحلال شركتين لتكوين شركة جديدة على أنقاضها، وهو ما يسمى بالاندماج بطريق المزج)(33).
يظهر من هذه التعاريف السابقة أن الاندماج يمكن أن يتم بإحدى طريقتين الأولى هي طريقة الضم أو الابتلاع، ويحصل ذلك عندما يتم حل شركة أو أكثر وإلحاق موجوداتها بشركة أخرى قائمة، حيث تفنى شخصية الشركة أو الشركات المندمجة في شخصية الشركة الدامجة.
أما الثانية فهي طريقة المزج، ويحصل ذلك عندما يتم حل الشركتين أو الشركات الراغبة في الاندماج، وتنشأ عنها شركة جديدة منفصلة تماماً عن شخصية الشركتين أو الشركات المندمجة، وتنتقل إلى الشركة الجديدة ذمم الشركات المندمجة.
وأياً كانت الطريقة التي تم بها الاندماج، فهي بالنتيجة زوال شركة على الأقل وانتقال
ذمتها المالية إلى شركة أخرى، كما يفترض، أيضاً، انتقال مساهمي الشركة التي أزيلت إلى الشركة المستفيدة من عملية الاندماج(34).
ومن الملاحظ أن عمليات الاندماج بطريق الضم أو ما يسمى بالابتلاع هو الأكثر شيوعاً على المستوى الدولي، لأن الاندماج بطريق المزج يكلف نفقات باهظة، يضاف إلى ذلك أن كبر حجم أصول الشركة الجديدة التي تنشأ عن حل الشركتين أو الشركات الراغبة بالاندماج سوف يؤدي إلى فرض نسبة عالية من الضرائب عليها.
ولا بد من الإشارة إلى أن المفهوم القانوني للاندماج قد يختلط لدى البعض مع بعض العمليات التي تؤدي نفس وظائف الاندماج الاقتصادية، في حين أن هناك اختلافاً بين الحالتين، فلا يعدُّ اندماجاً، مثلاً، العملية التي تقوم بها إحدى الشركات بنقل أصولها الصناعية إلى شركة قائمة مع بقائها كشركة قابضة، وكل ما يهمها هو ممارسة سيطرتها الإدارية على الشركة المقبوضة عن طريق تملكها نسبة كبيرة من الأسهم في هذه الشركة(35). ومع ذلك فإنَّ الاقتصاديين يطلقون على هذه العمليات تعبير الاندماج؛ لأنهم اقتصاديون. إنَّ ما يهم هو وحدة المشروع من الناحية الاقتصادية؛ أي تركيز رأس المال لدى جهة معينة دون النظر إلى الجوانب القانونية، وقد خصص قانون الشركات الأردني رقم (22) لسنة 1997م المواد: (222-239) لاندماج الشركات.
قد قضت المادة (222) من هذا القانون(36) بأن اندماج الشركات يتم بالطرق التالية:
باندماج شركة أو أكثر مع شركة أو شركات أخرى تسمى (الشركة الدامجة) وتنقضي الشركة أو الشركات الأخرى المندمجة فيها، وتزول الشخصية الاعتبارية
لكل منها.باندماج شركتين أو أكثر لتأسيس شركة جديدة هي الشركة الناتجة عن الاندماج، وتنقضي الشركات التي اندمجت بالشركة الجديدة، وتزول الشخصية الاعتبارية لكل منها.
باندماج فروع ووكالات الشركات الأجنبية العاملة في المملكة في شركة أردنية قائمة أو جديدة تؤسس لهذه الغاية، وتنقضي تلك الفروع والوكالات، وتزول الشخصية
الاعتبارية لكل منها.
إن قيام الشركات بعمليات الاندماج القصد منه تحقيق العديد من الأهداف، ومنها:
التغلب على شركة أو شركات منافسة، تعمل في نفس السوق، وذلك عن طريق تغيير موازين قوى المنافسة في السوق. والذي يعنينا هنا هو الاندماج الذي يحصل بين شركات تحمل جنسيات مختلفة؛ لأن هذا الاندماج هو الذي يؤدي إلى ظهور شركات متعددة الجنسيات.
التوسع في مجال المنافسة في المجال الخارجي، وذلك عن طريق قيام فرع أو فروع الشركة بالخارج بالاندماج مع شركات تحمل جنسيات أخرى متواجدة في تلك الأماكن، من أجل السيطرة على تلك الأسواق(37).
الفرع الثاني: تكوين شركات وليدة على المستوى الدولي:
إن الاندماج كطريقة لتكوين شركات متعددة الجنسيات، يكتنفه الكثير من الصعوبات القانونية، لذلك تفضل الشركات الكبرى اللجوء إلى أساليب أخرى لتحقيق هذا الغرض، كتكوين شركات وليدة جديدة على المستوى الدولي.
إن
تكوين
شركات
وليدة
على
المستوى
الدولي
لا
يثير
صعوبات
قانونية
معقدة،
وكل
ما
يتطلب
الأمر
هو
أن
قانون
الدولة
الأم
يسمح
لها
بتملك
أسهم
شركة
أو
شركات
أخرى
خارج
إقليم
دولة
الشركة
الأم،
وبنفس
الوقت
يجب
أن
يكون
قانون
الدولة
المضيفة
يسمح
للشركة
الأم
بتملك
أسهم
الشركة
الوليدة،
وبالنسبة
التي
تمكنها
من
السيطرة
على
هذه
الشركة.
علماً بأن معظم القوانين الوضعية المعاصرة تفسح المجال لشركاتها بتملك أسهم في شركات قائمة في الخارج، وبنفس الوقت تسمح للشركات الأجنبية بتملك أسهم في الشركات الوطنية والأجنبية العاملة في أراضيها تشجيعاً للاستثمار.
إلا أن ذلك لا يعني أن لا توجد هناك بعض القيود على الشركات الأجنبية التي تريد تملك أسهم في شركات في الخارج من قبل الدول المضيفة للشركات الوليدة.
ومن هذه القيود التي لجأت إليها بعض الدول، هي فرض قيود على حق الشركة الوليدة الخاضعة لسيطرة الشركة الأجنبية في الاقتراض من الأسواق المحلية.
ومثال ذلك، ما يقرره قانون الرقابة على النقد الأجنبي في انجلترا من ضرورة حصول الشركات الموجودة على أراضيها والخاضعة لسيطرة شركات أجنبية على أذن الخزانة البريطانية لكي تستطيع الاقتراض في السوق المحلية.
ويقصد من هذا الإجراء دفع الشركات الوليدة إلى اللجوء للشركة الأم للحصول على الأموال اللازمة لتمويل مشاريعها بدلاً من اللجوء إلى السوق المحلية، وذلك لمنع تصدير الأموال إلى خارج بريطانيا، وبالتالي يعدُّ مثل هذا الإجراء إحدى الوسائل التي تساهم في علاج العجز الذي يعاني منه ميزان المدفوعات، لأن الدول عندما تفسح المجال للشركات الأجنبية بتملك أسهم في الشركات العاملة على أراضيها إنما ينبغي من وراء ذلك جلب رؤوس الأموال الأجنبية إلى الداخل، إما لقلة المدخرات الوطنية، وإما لوجود عجز في ميزان المدفوعات(38).
وهناك قيود تفرضها بعض الدول على الشركات الوليدة بالنسبة لعمليات الاقتراض تعدُّ أقل تشدداً من القيود التي تفرضها انجلترا، كالقيود التي يفرضها القانون الاسباني، حيث نص هذا القانون على أن الشركات العاملة على الأراضي الاسبانية، التي يمتلك الأجانب أكثر من 25% من رأسمالها، لا يحق لها الاقتراض من الأسواق المحلية الداخلية أكثر من 50% من رأسمالها بالنسبة للقروض المتوسطة أو الطويلة الاجل(39).
كما لجأت بعض الدول إلى تحديد نسبة معينة لمساهمة الشركات الأجنبية في رأسمال الشركات الوطنية العاملة في أراضيها.
فالقانون المكسيكي الصادر في فبراير سنة 1973م حدد نسبة الاستثمار الأجنبي في الشركات الوطنية العاملة بنسبة 49%.
ويمنع القانون السويسري تملك الأجانب حصص في رأسمال الشركات الوطنية بنسب تمكنهم من فرض سيطرتهم على هذه الشركات، لأن هذه السيطرة متاحة للسويسريين فقط.
أما في المملكة الأردنية الهاشمية فقد قضت المادة (12) من قانون الاستثمار المؤقت رقم (68) لسنة 2003م المعدل بأنه:
يحق
لأي
شخص
غير
أردني
أن
يستثمر
في
المملكة
بالتملك،
أو
بالمشاركة،
أو
بالمساهمة
وفقاً
لأسس
وشروط
تحدد
بمقتضى
نظام
يصدر
لهذه
الغاية،
على
أن
تحدد
بموجبه
قطاعات
الاستثمار
أو
فروعها،
والنسبة
التي
يحق
للمستثمر
غير
الأردني
المشاركة
أو
المساهمة
في
حدودها،
وكذلك
الحد
الأدنى
من
رأس
المال
الأجنبي
الذي
يتوجب
عليه
توظيفه
لهذه
الغاية.أما
في
غير
الحالات
التي
يشملها
نظام
التحديد
فيعامل
المستثمر
غير
الأردني
معاملة
المستثمر
الأردني.
ويحق للمستثمر الأجنبي إدارة مشروعه بالطريقة التي يراها، وبواسطة الأشخاص الذين يختارهم، وعلى الجهات المختصة تقديم التسهيلات اللازمة لهذه الغاية.
وقد حدد نظام (54) لسنة 2000م المتعلق بتنظيم استثمارات غير الأردنيين نسبة تملك أو مساهمة المستثمر غير الأردني في القطاعات والأنشطة التي حددها هذا النظام.
ففي
مجال
الأنشطة
التجارية
والخدمات
أن
لا
تزيد
النسبة
على
50%،
وفي
مجال
خدمات
النقل
الجوي
أن
لا
تزيد
النسبة
على
49%.
ولا
يحق
للأجنبي
التملك
أو
المساهمة
في
أنشطة
النقل
بسيارة
الأجرة
الداخلية،
والأمن،
والنوادي
الرياضية،
ومقالع
الرمل،
وحجر
البناء.
وأعطت
المادة
(8)
من
النظام
المذكور
أعلاه
الحق
لمجلس
الوزراء
السماح
لأي
مستثمر
غير
أردني
أن
يمتلك
أو
يساهم
في
كل
المشاريع
التنموية
الكبيرة،
وذات
الأهمية
الخاصة
وبنسب
أعلى
مما
ذكرناه
أعلاه
لغرض
تشجيع
الاستثمار
في
المملكة.
وتجدر الإشارة إلى أن قانون الاستثمار الأردني المؤقت رقم (68) لسنة 2003م أعطى المستثمرين الأجانب كثيراً من الامتيازات، منها الإعفاء من الرسوم والضرائب(40)40. كما يحق له إخراج رأس ماله المستثمر في المملكة أي وقت شاء، كما له الحق بتحويل الأرباح المتأتية من الاستثمار خارج المملكة(41)، ويحق للعاملين الفنيين غير الأردنيين في أي مشروع أن يحولوا رواتبهم وتعويضاتهم إلى خارج المملكة(42)42، وهناك كثير من الامتيازات لا مجال للتطرق لها هنا.
وبالنسبة لقانون الشركات الأردني رقم (22) لسنة 1997م فقد أجاز للشركات الأجنبية أن تمارس نشاطاتها في المملكة الأردنية الهاشمية، وقد عرفت المادة (240/أ) الشركة الأجنبية بأنها الشركة أو الهيئة المسجلة خارج المملكة، ويقع مركزها الرئيسي في دولة أخرى جنسيتها غير أردنية.
وتقسم هذه الشركات، من حيث طبيعة عملها، إلى نوعين، وهما: شركات تعمل لمدة محدودة، وهي الشركات التي تحال عليها عطاءات لتنفيذ أعمالها في المملكة لمدةمحدودة ينتهي تسجيلها بانتهاء تلك الأعمال، ما لم تحصل على عقود جديدة (م240/أ/1 شركات).
وأيضاً، شركات تعمل بصفة دائمة في المملكة بترخيص من الجهات الرسمية المختصة (م 240/أ/2 شركات). من كل ما تقدم يظهر أن للشركة الأجنبية الأم أن تكون لها شركات وليدة في الأردن.
المطلب الثاني: مسؤولية الشركة المتعددة الجنسيات عن ديون الشركات الوليدة:
تقوم
فكرة
الشركات
المتعددة
الجنسيات
على
أساس
استقلالية
كل
شركة
من
هذه
الشركات
بشخصيتها
المعنوية،
مما
يترتب
على
ذلك
أن
كل
شركة
ضمن
هذه
المنظومة
مسؤولة
عن
ديونها
فقط،
وغير
مسؤولة
عن
ديون
الشركات
الأخرى
المنضمة
إلى
هذه
المنظومة.
إلا أن الأخذ بهذه الفكرة على إطلاقها يلحق ضرراً بدائني الشركات الوليدة خاصة عندما تكون الشركة الوليدة متعثرة، وفي ظروف مالية صعبة، في حين أن الشركة الأم تتمتع بمركز مالي ممتاز هذا من جهة، ومن جهة أخرى أن عدم مسؤولية الشركة الأم عن ديون الشركة الوليدة سوف يجعل من الشركة الوليدة تواجه مصيرها على انفراد، مما يلحق ضرراً بالشركة الوليدة، وقد يؤدي إلى تعرضها للإفلاس.
ولهذا، فإن فكرة استقلالية الشركات المتعددة الجنسيات لا تستبعد مسؤولية الشركة الأم كلية عن ديون الشركة الوليدة(43).
ولغرض التعرف على مسؤولية الشركة الأم عن ديون شركاتها الوليدة، سوف نقوم بتقسيم هذا المطلب إلى فرعين، وهما:
الفرع الأول : الأسباب التي دعت لقيام مسؤولية الشركة الأم عن ديون الشركة الوليدة.
الفرع الثاني: أساس مسؤولية الشركة الأم عن ديون الشركة الوليدة.
الفرع الأول: الأسباب التي دعت لقيام مسؤولية الشركة الأم عن ديون الشركات الوليدة:
إن أهم ما يميز الشركة المتعددة الجنسيات، باعتبارها مجموعة شركات، هي مركزية السيطرة التي تخضع لها الشركات الوليدة المتواجدة في أماكن مختلفة من العالم.
إن مركزية السيطرة هذه جعلت من الشركات الوليدة التابعة للشركة الأم أشبه ما تكون بأجزاء من آله واحدة، تدور كلها في فلك، واحد وتتحكم فيها قوة مركزية واحدة هي الشركة الام(44).
إذن،
مركزية
السيطرة
هذه
التي
تمارسها
الشركة
الأم
على
الشركة
الوليدة
تجعل
من
استقلالية
الشركة
أو
الشركات
الوليدة
ما
هو
إلا
مجرد
شعار
لا
قيمة
له
من
الناحية
العملية.
إن فكرة الشخصية المعنوية، حسب النظرية التقليدية، تتكون من عنصر الإرادة والتي يعبر عنها عن طريق سلطة بشرية تمثل الشخص المعنوي، والعنصر الآخر هو الذمة المالية المستقلة للشخص المعنوي، ويكاد أن يكون هذان العنصران مفقودين بالنسبة للشركة الوليدة بسبب مركزية السيطرة التي تمارسها الشركة الأم على الشركات الوليدة، ولكن ما هو المقصود بمركزية السيطرة؟
إن مركزية السيطرة هذه تتجسد في مجالين رئيسين، وهما:
اولاً: السيطرة الإدارية:
الأصل أن إدارة الشركة الوليدة تعدُّ منفصلة عن إدارة الشركة الأم، إلا أنه، وفي ظل السيطرة المركزية، فإن الشركة تمارس سيطرة كاملة على الشركات الوليدة، حيـث تتخذ القرارات الإستراتيجية داخل الشركة الأم بقصد تحقيق أقصى الأرباح.
وتبرز السيطرة الإدارية في نواحي متعددة، منها تحديد السياسة الاستثمارية للشركات الوليدة، وحصرها في إطار الخطة العامة لمشروع الشركة المتعددة الجنسيات، بحيث لا تستطيع أية شركة وليدة القيام بأي استثمارات جديدة خارج الخطة العامة إلا بعد أخذ موافقة الشركة الأم.
كما تقوم الشركة الأم بوضع الخطة الإنتاجية لكل شركة من الشركات الوليدة، ويتم تعيين كبار الموظفين والفنيين في الشركات الوليدة من قبل الشركة الأم.
وفيما يتعلق بسياسة الأبحاث العلمية والتكنولوجية، وفي معظم الأحيان، تجري الأبحاث التابعة للشركات الوليدة في مختبرات الشركة الأم وبإشرافها للسيطرة على هذه الأبحاث والاحتفاظ بأسرارها(45).
ثانياً: السيطرة المالية:
تقوم الشركة الأم بتحديد السياسة المالية للشركات الوليدة، وهي التي تحدد كيفية تمويل هذه الشركات، فقد يكون التمويل من داخل مجموعة هذه الشركات، أو من خارجها.
وتتدخل
الشركة
الأم
في
طريقة
توزيع
أرباح
الشركات
الوليدة،
فهي
التي
تحدد
نسب
الأرباح
التي
توزع
على
الشركاء
كل
عام،
والنسب
التي
يجب
الاحتفاظ
بها
لدى
الشركة
كاحتياطي.
كما تقوم الشركة الأم بتحديد أسعار السلع التي تنتجها الشركات الوليدة، وتفرض على هذه الشركات كمية السيولة التي تستطيع الاحتفاظ بها. ويظهر مما تقدم أن في الشركات المتعددة الجنسيات تذوب الشخصية المعنوية للشركة الوليدة، وتنصهر داخل الشخصية المعنوية للشركة الأم، وبمعنى آخر: لم تعد للشركة الوليدة إرادة مستقلة عن إرادة الشركة الأم، وأن مصلحة الشركة الوليدة تختلط بمصلحة الشركة الأم، مما يؤدي إلى فقدان الشركة الوليدة استقلالها المالي والإداري، وهذا ما يبرر مسؤولية الشركة الأم عن ديون الشركات الوليدة(46).
وهذا الاتجاه هو ما سارت عليه محكمة العدالة التابعة للسوق الأوروبية المشتركة، مستندة في ذلك على نص المادتين 85، 86 من معاهدة روما المنشئة للسوق الأوروبية المشتركة، واللتين تقيمان مسؤولية الشركة الأم عن أعمال شركاتها الوليدة على أساس مركزية السيطرة.
ففي
إحدى
القضايا
التي
تتلخص
وقائعها
بأن
شركة
(كونتنيال
كان)
الأمريكية
والتي
تعدُّ
اكبر
منتج
في
العالم
لمواد
التغليف،
قامت
هذه
الشركة
في
سنة
1969م
بشراء
85%
من
أسهم
شركة
S.W.L
الألمانية
العاملة
في
مجال
مواد
التغليف،
ومن
بعدها
سيطرت
على
شركة
(ميتال
بوكس)
القابضة،
والتي
كان
لها
عدة
شركات
تابعة
لها
تعمل
في
نفس
المجال.
وقد عدّت المحكمة أن حيازة شركة (كونتنيال كان) الأمريكية لمعظم الأسهم في هذه الشركات يعطيها وصف المسيطر الوحيد على السوق، وتظهر معالم هذه السيطرة فيما يلي:
كانت شركة كونتينال هي المصنع الوحيد للآلات المستعملة في إنتاج المواد التي تستعمل في التغليف.
كانت هذه الشركة الأم مسيطرة على الترخيص في الدول التي تعمل فيها
شركاتها الوليدة.كانت هي الحائزة لعلامات الإنتاج والمعرفة الفنية للتصنيع.
كانت هذه الشركة الأم تتمتع بقوة اقتصادية وتكنولوجية، مكنتها من جعل الشركات الوليدة التي تمارس نشاطها في الدول العاملة فيها تدور في فلكها.
لذلك حكمت محكمة العدالة التابعة للسوق الأوروبية المشتركة في 9/12/1971م بمسؤولية شركة (كونتنيال كان) على اعتبار أن سيطرتها على الشركات الوليدة العاملة في الدول الأوروبية، في مجال تصنيع مواد التغليف، بهذه الطريقة يشكل استثماراً تعسفياً في استعمال الوضع المسيطر(47). وقد تواترت أحكام هذه المحكمة بعد ذلك في هذا الاتجاه.
الفرع الثاني: أساس مسؤولية الشركة الأم عن ديون الشركة الوليدة:
تشترط
المادة
(85)
من
معاهدة
روما
المنشئة
للسوق
الأوروبية
المشتركة
لقيام
مسؤولية
الشركة
الأم
عن
الشركات
الوليدة
التابعة
لها
أن
يكون
هناك
شركات
منتشرة
داخل
السوق
الأوروبية،
وهناك
شركة
أم
تسيطر
على
نسبة
معينة
من
رأس
مال
شركة
أو
أكثر
من
هذه
الشركات،
بحيث
تحقق
لها
السيطرة
الاقتصادية
والإدارية
على
الشركة
أو
الشركات
الوليدة،
بحيث
تظهر
وكأنها
مشروع
واحد.
لذا
ترى
محكمة
العدالة
التابعة
للسوق
الأوروبية
المشتركة،
بأن
نقل
عمال
من
شركة
لأخرى
في
ذات
المجموعة
المكونة
للشركة
المتعددة
الجنسيات
لا
يؤدي
إلى
إنهاء
عقودهم
في
الشركة
التي
نقلوا
منها(48).
إن مركزية سيطرة الشركة الأم على الشركات الوليدة ترتب عليه مسؤولية الشركة الأم عن ديون الشركات الوليدة، وإن هذه المسؤولية قد تكون مسؤولية جنائية ومسؤولية مدنية، وإننا لسنا معنيين في هذا الفرع بدراسة المسؤولية الجزائية؛ لأنها خارج نطاق هذا البحث، لذا ستقتصر دراستنا على المسؤولية المدنية بنوعيها: العقدية، والتقصيرية.
إن المسؤولية المدنية للشركة الأم عن ديون شركاتها الوليدة سواءً كانت عقدية أو تقصيرية، تبنى على أساس أن الشركة الأم تعدُّ مديراً للشركة الوليدة، وبالتالي تتحمل الشركة كافة الالتزامات الناتجة عن التصرفات التي يقوم بها هذا المدير في حدود الصلاحيات الممنوحة له(49).
إن قيام مسؤولية الشركة الأم عن ديون الشركة الوليدة يتطلب:
مشاركة الشركة الأم في إدارة الشركة الوليدة.
ارتكاب الشركة خطأ يؤدي إلى قيام المسؤولية.
فمثلاً، إذا تعاقدت الشركة الوليدة- بتوجيه من الشركة الأم- مع شركة أخرى لإبرام صفقة معينة، فإن أي إخلال بالالتزامات التي تترتب على الشركة الوليدة يؤدي إلى قيام مسؤولية الشركة الأم تجاه الغير عن الأضرار التي قد تلحق به، وهو ما يطلق عليه بالخطأ التجاري Wrongful Trading(50) ويشمل التعويض ما لحق الغير من خسارة، وما فاته من كسب(51). ولا تستطيع الشركة الأم التخلص من المسؤولية إلا بإثبات السبب الأجنبي.
كما تسأل الشركة الأم مسؤولية تقصيرية عن الأخطاء غير العقدية التي ترتكبها، وتسبب ضرراً للغير. ولكي تتحقق المسؤولية التقصيرية للشركة يجب أن يحصل خطأ من جانب الشركة الأم يترتب عليه ضرر، وأن تقوم علاقة سببية بين الخطأ والضرر. وبالنسبة للأخطاء التي ترتكبها الشركة وتؤدي إلى قيام مسؤوليتها التقصيرية لا يمكن حصرها وإنما يمكن أن نذكر بعض الأمثلة على ذلك.
فقد تقوم الشركة الأم بإقامة شركة وليدة وهذه الشركة تظاهرت بأنها تملك رأس مال كبير يمكنها من الاستثمار في مشاريع كبيرة، إلا أنها، في الواقع، كانت عاجزة عن ذلك، مما سبب إرباكاً في السوق وألحق أضراراً ببعض المستثمرين .
كما تسأل الشركة الأم مسؤولية تقصيرية، إذا ما سيطرت على مجموعة من الشركات الوليدة بقصد السيطرة على السوق وخلق احتكار لسلعة معينة يحول دون حصول منافسة مشروعة من قبل شركات أخرى، وهذا ما يمكنها بالنتيجة من فرض الأسعار والشروط التي تتطلع إليها على المستهلكين مما يلحق ضرراً بهم(52).
إذا ما تحققت المسؤولية المدنية للشركة الأم فإنه سيحكم بإلزامها بالتعويض، وتكملة ديون الشركة الوليدة التي تسيطر عليها الشركة الأم، إذا لم تكفِ أصول الشركة الوليدة لسداد هذه الديون. وهو ما يطلق عليه دعوى تكملة الديون، وهي دعوى تقام على أساس المسؤولية المدنية، وتهدف إلى نقل كل ديون الشركة الوليدة أو جزء منها إلى الشركة الأم، وهي دعوى لها مميزات خاصة لا مجال للتطرق إليها هنا.
كما يمكن مساءلة الشركة الأم عن طريق التوسع في إفلاس الشركة الوليدة، بحيث تتعرض الشركة الأم هي الأخرى إلى إجراءات التسوية أو التصفية القضائية التي تتعرض لها الشركة الوليدة، حيث يستطيع دائنو الشركة الوليدة التنفيذ على أموال الشركة الوليدة والشركة الأم في آن واحد، لأن أموال الشركة الأم ضامنة للوفاء بديونها الخاصة بها، وبديون الشركة الوليدة على السواء(53).
وفي الختام، لا بد من الإشارة إلى أنه إذا ما قضي بمسؤولية الشركة الأم فسوف تظهر عقبات أخرى تجعل من تطبيق هذه الأحكام ليس بالأمر السهل، كنظام إقليمية الإفلاس، ومشكلة تنفيذ الأحكام الأجنبية، ونظام التحكيم، مما يتطلب بذل جهود دولية لتبني اتفاقيات دولية تذلل مثل هذه العقبات .
الخاتمـة:
نستخلص مما تقدم أنه، وبسبب تطور الاقتصاد العالمي وظهور ما يسمى بالاقتصاد الحر، ظهرت مشاريع عملاقة بحاجة إلى تكتلات مالية واقتصادية ضخمة لإدارة مثل هذه المشاريع، ولم تعد إمكانات الشركات الكلاسيكية، كشركة التضامن، أو ذات المسؤولية المحدودة، أو التوصية البسيطة، أو بالأسهم، أو المساهمة العامة، أو الخاصة، قادرة على مثل هذه المشاريع. والمشكلة الأخرى هي أن منتجات تلك المشاريع تتركب من أكثر من مادة يكمل بعضها البعض، فالشركة التي تنتج المشروبات الغازية بحاجة إلى أواني زجاجية أو معدنية لتعبئة منتجاتها، علماً بأن الشركة محددة بنشاط واحد مثبت في نظامها الأساسي. ولا يحق لها ممارسة أكثر من نشاط، لذلك فكرت هذه الشركات بإنشاء شركات تابعة لها كما أن هذه الشركات لديها الرغبة في السيطرة على السوق وعدم دخول شركات منافسة لها وهذا ما عزز لدى هذه الشركات فكرة إنشاء شركات تابعة لها، إلا أن المشكلة هي كيفية السيطرة على هذه الشركات، على اعتبار أن كل شركة من هذه الشركات تتمتع بشخصية قانونية مستقلة، وأنها ليست فروعاً للشركة الأم لكي تأتمر بأوامرها، لذلك تم اللجوء إلى فكرة الشركة القابضة، حيث توجد شركة أم تسيطر على مجموعة من الشركات التابعة بموجب آلية معينة يحددها القانون . وبما أن فكرة الشركة القابضة هي فكرة حديثة وخاصة في الدول النامية، لذلك نرى أن معظم القوانين العربية لم تتطرق لهذه الشركة وكذلك المؤلفات والبحوث في هذا المجال قليلة جداً، وكان المشرِّع الأردني سباقاً في التطرق لهذا النوع من الشركات، انطلاقاً من رغبة أولي الأمر بتشجيع الاستثمار في الأردن، وحاجة هذا الاستثمار إلى مشاريع ذات إمكانية مالية عالية وقد خصص لهذا النوع من الشركات المواد (204 – 208)، وقد اقتصرت هذه المواد على طريقة تأسيس الشركة القابضة، حيث حصرها بنوع معين من الشركات لغرض تسهيل آلية عمل الشركة القابضة، كما تم حصر نشاطها في مجال معين هو إدارة الشركات التابعة لها وتوجيهها؛ أي أن اتصالها بالجمهور لم يكن مباشراً، وإنما عن طريق الشركات التابعة لها.
أما بالنسبة للشركة المتعددة الجنسيات فقد نشأت، أيضاً، تحت ظل الاقتصاد الحر وظهور ما يسمى بعولمة الاقتصاد، أو دولية الإنتاج، فلم يعد اقتصاد أي دولة متأثراً بما يجري داخل تلك الدولة فقط ودون تأثر بالعوامل الخارجية . فلم تعد الشركات الضخمة مكتفية بأسواقها الداخلية، وإنما أخذت تبحث لها عن أسواق في الخارج، كما أن منتجات هذه الشركات تدخل في صناعتها أكثر من مادة، كصناعة السيارات، فهي بحاجة إلى المطاط والزجاج، وقد لا تكون كل هذه المواد متوفرة، إلا أن المعرفة التكنولوجية غير متوفرة لديها، وإنما متوفرة في دولة أخرى، لذلك ظهرت فكرة إنشاء الشركات المتعددة الجنسيات، أو ما يطلق عليها الشركة متعددة القوميات، أو عابرة الحدود، ومهما كانت التسمية فالغاية واحدة .
وقد بدأت الولايات المتحدة بهذا الاتجاه، حيث أخذت تسيطر أو تنشأ لها شركات في أسواق الدول الأوروبية التي وجدت نفسها أمام سيطرة الشركات الأمريكية، فبادرت إلى عقد اتفاقية روما لسنة 1957م التي أنشأت بموجبها السوق الأوروبية المشتركة التي أعطت دعماُ للدول المنظمة لهذه السوق لإنشاء شركات متعددة الجنسيات . ثم جاءت بعد ذلك اليابان لتدخل هذا المعترك.
وقد توصل البحث إلى النتائج والتوصيات التالية:
أولاً : قلة المواد المخصصة في قانون الشركات لمعالجة الشركة القابضة، وإننا نعطي العذر للمشرع لحداثة هذا النوع من الشركات ولأنها تحت الاختبار حالياً.
وإنه، وبمرور الوقت وتوفر الكتابات والأحكام القضائية الكافية، سوف يطرأ تغيير كمي ونوعي على هذه المواد على هدى ما يستجد لاحقاً.
ثانياً: موقف الدول من الشركات المتعددة الجنسيات غير موحد، فبعض الدول يمنع من دخول هذه الشركات إلى أراضيها؛ لأنه يرى فيها عامل سيطرة على اقتصاده، وقد يوجه هذا الاقتصاد من قبل الشركة الأم الكائنة في دولة أخرى، بما يخدم مصالح تلك الدولة . كما أن سيطرة تلك الشركات على مفاصل الاقتصاد، وبتوجيه من الشركة الأم، قد يحول دون حصول منافسة مشروعة .
إلا إن بعض هذه الدول ترى فيها إحدى وسائل تشجيع الاستثمار في بلدها، ومن هذه الدول الأردن، إلا أنه جعلها تعمل وفق ضوابط معينة، من حيث التكوين، ومن حيث المجالات التي تمارس فيها نشاطها .
إن
الشركة
الأم
في
الشركة
المتعددة
الجنسيات
اتبعت
عدة
طرق
للسيطرة
على
الشركات
التابعة
المتواجدة
في
الدول
الأخرى،
كالاندماج
أو
المساهمة
بنسبة
كبيرة
في
رأسمالها،
أو
تأسيس
شركات
جديدة
.
إلا أن المشكلة الكبيرة التي تواجهها الشركة الأم في تعاملها مع الشركات الوليدة كمسؤولية الشركة الأم عن ديون هذه الشركات وعمل ميزانية موحدة لمجموعة هذه الشركات، يصطدم بمشكلة تنازع القوانين، واختلاف قوانين هذه الدول صرامة وتساهلاً.
لذلك نرى ضرورة وضع قواعد دولية تنظم عمل هذه الشركات، وتحافظ على حقوق الدول النامية وحمايتها من هيمنة الدول الكبرى بواسطة هذه الشركات .
ثالثاً: ذهب البعض إلى عدم التفرقة بين الشركة القابضة وشركة الاستثمار، وذلك لأن المشرِّع قد نص على أن غايات الشركة القابضة هو استثمار أموالها في الأسهم والسندات والأوراق المالية إلا إننا خالفنا ذلك؛ لأن المادة 204 /أ /1 من قانون الشركات قد اشترطت أن تملك الشركة الأم أكثر من نصف رأس مال الشركة أو الشركات التابعة لكي نكون أمام شركة قابضة، في حين لم يشترط القانون ذلك بالنسبة لشركة الاستثمار.
رابعاً: أظهر قانون الشركات الأردني بوضوح في المادة 208 الوحدة المالية بين الشركة القابضة والشركة التابعة لها، وبالتالي فإن دائن الشركة التابعة يلجأ لمطالبة الشركة التابعة إذا كان وضعها المالي جيداً، وإلا فإنه يلجأ إلى وحدة المسؤولية، إذا كان وضع الشركة التابعة متدهوراً،
الهوامش:
1(?) انظر: محمد حسين إسماعيل، الشركة القابضة وعلاقتها بشركاتها التابعة، شركة شقير وعكشة للطباعة، عمان، ط1990م، ص11.
2(?)
فوزي
محمد
سامي،
الشركات
التجارية،
دار
الثقافة
للنشر
والتوزيع،
عمان،
2005م،
ص563.
3(?) انظر: حسن محمد هند، مدى مسؤولية الشركة الأم عن ديون شركتها الوليدة في مجموعة الشركات مع إشارة خاصة إلى الشركة المتعددة القوميات، رسالة دكتوراه، جامعة عين شمس، 1997م، ص51.
4(?) انظر: سمير الشرقاوي، الشركة التابعة كوسيلة لقيام المشروع المتعدد القوميات، بحث منشور في مجلة القانون والاقتصاد، سنة 1976م، ص76.
5(?) انظر: حسام عيسى، الشركات المتعددة الجنسيات، بحث منشور في مجلة العلوم القانونية والاقتصادية، جامعة عين شمس، يوليو، 1976م، السنة الثامنة عشرة ص75.
6(?) إن مفهوم الشركة الوليدة يختلف عن مفهوم فرع الشركة في أن الفرع ليس له شخصية قانونية مستقلة عن الشركة الأم في حين أن الشركة الوليدة لها شخصية معنوية مستقلة عن الشركة الأم.
7(?) انظر: Pennington Company Law, Butterworth Publisher London, 1969, p.639.
8(?) انظر: حسام عيسى، المرجع السابق، ص88.
9(?) انظر:
Cythin Day Wallace, Legal Control Of the multinational Enterprise Martinus Publisher, London, 1982, P.4.
10(?) انظر: محسن شفيق، المشروع ذو القوميات المتعددة، دار الكتاب الجامعي، القاهرة، 1978م، ص252.
11(?) انظر: سمير الشرقاوي، المرجع السابق، ص65.
12(?) انظر: محمد حسين إسماعيل، المرجع السابق، ص37.
13(?) المرجع السابق، ص37.
14(?) انظر: المادة (209/7) من قانون الشركات الأردني رقم 22 لسنة 1997م.
15(?) انظر:
James. C. Bonbright and Gadiner C Means, The Holding Company, Augustus-M-Kelly Pubilsher, New York, 1979, p.25.
16(?) انظر: Bonbright and Means, OP.cit, P.23.
17(?) انظر: محمد حسين إسماعيل، المرجع السابق، ص25.
18(?) انظر: الصفحة الرابعة من هذا البحث.
19(?) انظر: فوزي محمد سامي، المرجع السابق، ص568.
20(?) نصت المادة (204/أ/1) من قانون الشركات الأردني على ما يلي: (الشركة القابضة هي شركة مساهمة عامة تقوم بالسيطرة المالية والإدارية على شركة أو شركات أخرى تدعى الشركات التابعة بواحدة من الطرق التالية: ب. أن يكون لها السيطرة على تأليف مجلس إدارتها).
21(?) انظر: سمير الشرقاوي، نفس المرجع، ص66.
22(?) انظر: حسني المصري، اندماج الشركات وانقسامها، مطبعة حسان، القاهرة 1986م، ص41.
23(?) طعن رقم 897 لسنة 53 ق جلسة 26/12/1988، انظر هذا الحكم في المستشار معوض عبد التواب، المستحدث في القضاء التجاري أحكما النقض التجاري في خمسة عشر سنة 1975-1990م، القاهرة 1990م، ص338.
24(?) انظر: حكم محكمة السين التجارية، 8 يونيو، سنة 1938، الحكم مشار اليه في حسن محمد هند، المرجع السابق، ص82.
25(?) انظر: حسن محمد هند، المرجع السابق، ص90.
26(?) انظر:
Paul, H.Walgealach, Principles of accounting 4ed, Harcourt Brace Publisher, Florida U.S.A, 1987,p.652.
27(?) انظر: حسن محمد هند، مرجع سابق، ص327.
28(?) انظر: حسام عيسى، مرجع سابق، ص459.
29(?) انظر: عصام الدين مصطفى نسيم، الجوانب القانونية للمشروعات المشتركة في الدول الآخذة في النمو، دار النهضة العربية، ط2، 1984م، ص19.
30(?) التقرير مشار إليه في د.يحيى عبد الرحمن رضا، الجوانب القانونية لمجموعة الشركات عبر الوطنية، دار النهضة العربية، سنة 1994م، ص303.
31(?) انظر: حسن محمد هند، المرجع السابق، ص353.
32(?) انظر: محسن شفيق، مرجع سابق، ص664.
33(?) سميحة القليوبي، الشركات التجارية، النظرية العامة للشركات وشركات الأشخاص، ط2، دار النهضة العربية، القاهرة 1992م، ص137.
34(?) انظر: محمد شوقي شاهين، الشركات المشتركة، رسالة دكتوراه قدمت إلى جامعة القاهرة سنة 1978م، ص159.
35(?) انظر: حسام عيسى، المرجع السابق، ص89.
36(?) تم إلغاء المادة (222) من القانون الأصلي والاستعاضة عنه بهذا النص بموجب القانون المؤقت المعدل رقم (40) لسنة 2002م.
37(?) انظر: صبحي الاتربي، بحث بعنوان، بعض اتجاهات الصراع والمنافسة بين الشركات المتعددة الجنسية، ألقي في ندوة التطور الرأسمالي ومستقبل الاشتراكية في الوطن العربي، عقدت خلال الفترة من 18-21، سنة 1992م، في كلية الحقوق، جامعة الإسكندرية، ص14.
38(?) انظر: حسام عيسى، المرجع السابق، ص109.
39(?) انظر: عصام الدين، النظام القانوني للاستثمارات الأخذ بالنمو، رسالة دكتوراه مقدمة إلى جامعة عين شمس، سنة 1972م، ص308.
40(?) انظر: المادة (3) من قانون الاستثمار المؤقت رقم (68) لسنة 2003م.
41(?) انظر: المادة (18) من القانون أعلاه.
42(?) انظر: المادة (19) من القانون أعلاه.
43(?) انظر: شريف محمد غنام، مدى مسؤولية الشركة الأم عن ديون شركتها الوليدة المصرية، منشور في مجلة الحقوق التي تصدرها جامعة الكويت، العدد الأول، السنة السابعة والعشرون، مارس 2003م، ص355.
44(?) انظر: حسام عيسى، المرجع السابق، ص167.
45(?) انظر: حسن محمد هند، المرجع السابق، ص394.
46(?) انظر: أحمد يوسف عبده الشحات، ممارسة الشركات دولية النشاط في مجال التكنولوجيا وتطور الاقتصاديات، رسالة دكتوراه، مقدمة إلى جامعة طنطا، سنة 1990م، ص38.
47(?) الحكم مشار إليه في حسن محمد هند، المرجع السابق، ص449.
48(?) انظر: هاني محمد دويدار، نظرية احتكار المعرفة التكنولوجية بواسطة السريـة، دار الجماعـة
الحديثة للنشر، الإسكندرية، 1996، ص24، وما بعدها.
49(?) انظر: المادة (156/أ) من قانون الشركات الأردني رقم 22 لسنة 1997م، المعدل.
50(?) انظر: شريف محمد غنام، المرجع السابق، 385.
51(?) نصت المادة (266) من القانون المدني الأردني على ما يلي: (يقدر الضمان في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب بشرط ان يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار)، انظر بهذا الخصوص: امجد محمد منصور، النظرية العامة للالتزامات، مصادر الالتزام، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2006م، ص289.
52(?) انظر: لينا حسن زكي، الممارسات المقيدة للمنافسة والوسائل القانونية اللازمة لمواجهتها، رسالة دكتوراه مقدمة إلى جامعة حلوان، القاهرة، 2004م، ص73.
53(?) انظر: شريف محمد غنام، المرجع السابق، ص417.
102
المنارة، المجلد 13، العدد 9، 2007.