المبحث الثاني : أشكال عقود البوت BOT وتمييزها عن بعض العقود المشابهة لها.
الباب الأول: عقد البناء، التشغيل ونقل الملكية "البوت "
محاضرات عقود الأعمال 2023- 2024
المحاضرة الخامسة: عقد البوت
المبحث الثاني : أشكال عقود البوت BOT وتمييزها عن بعض العقود المشابهة لها.
لقد أفرز الواقع العملي صيغ قانونية مشتقة من عقد البوت في صورته الأصلية، في بعض أو كل عناصره، ونظرا للتشابه الموجود بين عقد البوت وبعض العقود الأخرى فإنه بات من الضروري إظهار مختلف الخصوصيات التي ينفرد بها كل عقد1.
المطلب الأول: أشكال عقد البوت BOT.
تعتمد الدول في نظام تعاقدها عن طريق البوت BOT على الكثير من الصيغ، سواء إذا تعلق الأمر بإقامة مشاريع جديدة وهذا ما سنتناوله في الفرع الأول، أو في تكملة إنجاز مشاريع قيد الإنشاء أو مشاريع قائمة وهو ما سنخصص له الفرع الثاني.
الفرع الأول: الأشكال التعاقدية المنصبة على مشاريع جديدة:
توجد العديد من الاشكال التعاقدية التي تستقطب إنشاء مشاريع جديدة، نذكر من بينها أولا عقود البناء والتشغيل والتمليك ونقل الملكية (BOOT)، عقود البناء والتشغيل وتجديد الامتياز (BOR) ثانيا، عقود التملك المرحلي، التأجير التمويلي والتحويل (BOLT) ثالثا، عقود التصميم والبناء والتمويل والتشغيل (DBFO) رابعا، عقود بناء، تأجير، تحويل (BLT) أو (BRT) خامسا.
أولا:عقود البناء والتشغيل والتمليك ونقل الملكية (BOOT).
الملاحظ على مصطلح BOOT أنه مشكل من حرف (O) xxxx xxx الحرف المأخوذ من كلمةOWEN والتي تعني التملك، ويقصد بها امتلاك المشروع، حيث تلتزم بمقتضاه شركة المشروع بتقديم التمويل اللازم لإقامة المنشأة وصيانتها وتشغيلها، نظرا لتمتعها بحق ملكية المنشآت من طرف الجهة الحكومية المتعاقدة، وعليه فإن صيغة BOT تختلف عن BOOT في عدم احتفاظ القطاع الخاص بملكية النشاط طوال فترة التشغيل، في المقابل فإن من حقه تملك المشروع في ظل نظام BOOT، إلا أن الشركة لا تملك المشروع في ذاته لكنها تمتلك العناصر التي أوجدته1.
ثانيا: عقود البناء والتشغيل وتجديد الامتياز (BOR).
يتم التعاقد بموجب هذه الصيغة من أجل بناء وتشييد المشروع ثم تشغيله خلال فترة زمنية يتم الاتفاق عليها مسبقا مع إمكانية تجديدها لفترة أخرى، وغالبا ما يترتب على ذلك استمرار المنافع من المشروع وزيادة عدد المتعاملين مع المشروع وزيادة الرسوم المفروضة، ولهذا قد تدخل الدولة في مفاوضات جديدة مع المستثمرين من أجل تجديد عقد الامتياز الذي يجمعها به، وهنا قد يتم التجديد بنفس الشروط أو بشروط جديدة، وهذا النوع من العقود قائم على وعد، ويتم اللجوء إليه في حالة وجود عقبات قانونية أو تشريعية تحول دون تمديد الامتياز الممنوح2.
ثالثا : عقود التملك المرحلي، التأجير التمويلي والتحويل (BOLT).
يصلح هذا النوع من العقود في حالة حاجة المشاريع المزمع انشاؤها (الجديدة) إلى الآلات والمعدات التي تساهم في تشغيل هذا المشروع، كما يصلح هذا العقد أيضا في حال ما إذا كانت الشركة المشرفة على المشروع غير قادرة على تشغيله بما تملكه من إمكانيات، لذلك قد تقوم بتأجير المشروع لشركة أخرى خلال فترة الامتياز مقابل حصول هذه الأخيرة على حق الانتفاع وعائد التحصيل1.
المطلب الثاني: تمييز عقد البوت عن غيره من العقود المشابهة له.
يوضح في هذا المطلب أهم نقاط التوافق والتباين الموجودة بين عقود البوت وباقي العقود التي تعكس مشاركة القطاع الخاص في إقامة المشاريع العمومية التابعة للدولة، عن طريق تمييز عقد البوت عن بعض العقود الكلاسيكية وهو ما نتناوله في الفرع الأول، وتمييز عقد البوت عن بعض العقود الحديثة وهو ما سنتطرق إليه في الفرع الثاني.
الفرع الأول: تمييز عقد البوت عن بعض العقود الكلاسيكية:
يتشابه عقد البوت ببعض العقود الكلاسيكية، لذا لابد من استخراج نقاط الاختلاف مع هذه العقود، حتى يتسنى للدارس لها من تمييز عقد البوت عن باقي العقود الأخرى، ومن بين هذه العقود نجد عقد الامتياز (أولا)، عقد الأشغال العمومية (ثانيا).
أولا: تمييز عقد البوت عن عقد الامتياز:
يعرف عقد الامتياز بأنه الطريقة الخاصة في إدارة المرافق العامة، تلجأ إليها الإدارة العامة سواء كانت مركزية أو لامركزية من أجل إسناد إدارة مرافقها إلى شخص آخر ويتم ذلك على نفقته وبأمواله، وللملتزم حقوق تتمثل في المقابل المالي الذي يتحصل عليه من المنتفعين بخدماته، وقد عرفه المشرع الجزائري في المادة 21 من القانون 83-17 المعدل والمتمم بموجب الأمر 96 – 13 المتعلق بقانون المياه على أنه: " عقد من عقود القانون العام، تكلف الإدارة بموجبه شخصا اعتباريا عاما أو خاصا قصد ضمان أو آداء خدمة ذات منفعة عمومية... الأشخاص الاعتباريين الخاضعين للقانون الخاص"1، كما يعرف بأنه: " اتفاقية تكلف الإدارة بمقتضاها شخصا طبيعيا أو اعتباريا بتأمين تشغيل مرفق عام"2.
من خلال هذا نستخلص، أن كل من عقد البوت والامتياز يتفقان في كون إنشاء إدارة وتسيير المرافق العامة قد يسند للقطاع الخاص، بحيث يتحمل صاحب الامتياز مسؤولية مخاطر التشغيل طوال مدة العقد، كما يتفقان في أن كليهما يحصلان على حقوقهما المالية من المنتفعين من الخدمة، ولا يعد هذا الأمر مانعا من تقاضي شركة المشروع حقوقها المالية من جهة الإدارة، ورغم أن جل الفقهاء أجمعوا على أن عقود البوت تجد أساسها في عقود الامتياز، إلا أنها تختلف عنها في نقاط جوهرية أبرزها قيام المستثمر في عقود البوت بتصميم المشروع وبنائه وتحمل تكاليفه وبهذا يتكفل بعبء ضخم من الناحية الاقتصادية، وتعتبر عقود لامتياز عقود تسيير في حين أن عقود البوت عقود تمويل مقترنة بالتسيير3.
ثانيا: تمييز عقد البوت عن عقد الأشغال العمومية.
تعرف عقد الأشغال العامة بأنها العقود التي يتعهد بمقتضاها المقاول القيام بعمل البناء أو الترسيم أو الصيانة في عقار لحساب شخص معنوي عام لتحقيق مصلحة عامة، مقابل ثمن تلتزم به الإدارة4، وهو ما نصت عليه المادة 13 من قانون الصفقات فيما يتعلق بصفقة الأشغال: " قيام المقاول ببناء أو صيانة تأهيل أو ترميم أو هرم منشأة أو جزء منها"1.
يتطابق عقد البوت مع عقد الأشغال العامة في اعتبار كليهما يجري تنفيذه لمصلحة الجهة الإدارية المعنية مقابل تمويل مالي يتم الاتفاق عليه، بيد أنهما يختلفان في أن عقد الأشغال العامة يقوم المقاول فيه بإنشاء المشروع وتسليمه إلى الجهة الإدارية لإدارته، أما في عقود البوت فإن الملتزم ينشأ ويدير المرفق العام، إضافة إلى ذلك فإن المقاول في عقود الأشغال العامة يتحصل على المقابل المالي من الإدارة، أما في عقود البوت فإن شركة المشروع تتحصل عليه من طرف الجمهور أو الإدارة في حالة شراء الخدمة من الدولة2.
الفرع الثاني: تمييز عقد البوت عن بعض العقود الحديثة.
يتشابه عقد البوت ببعض العقود الحديثة، مما يستوجب علينا استخراج نقاط الاختلاف مع هذه العقود، حتى يتسنى للدارس لها من تمييز عقد البوت عن باقي العقود الأخرى، ومن بين هذه العقود نجد عقد الخوصصة (أولا)، عقد الشراكة (ثانيا).
أولا: تمييز عقد البوت عن عقد الخوصصة.
عرفت الخوصصة بموجب الأمر رقم 01-04 المؤرخ في 20 أوت 2001 المتعلق بتنظيم المؤسسات العامة الاقتصادية وتسييرها وخوصصتها، ويقصد بالخوصصة بمفهوم المادة 13 من ذات الأمر: " كل صفقة تتجسد في نقل الملكية إلى أشخاص طبيعيين أو معنويين خاضعين للقانون الخاص من غير المؤسسات العمومية، وتشمل هذه الملكية كل رأسمال المؤسسة أو جزء منه تحوزه الدولة مباشرة أو غير مباشرة أو الأشخاص المعنويين الخاضعين للقانون العام، وذلك عن طريق التنازل عن الأسهم أو حصص اجتماعية أو اكتتاب الزيادة في رأس المال الأصول التي تشكل وحدة استغلال مستقلة في المؤسسات التابعة للدولة1، ويتفق عقد البوت وعقد الخوصصة في أن الأموال العامة يجري تمليكها للقطاع الخاص، غير أنهما يختلفان في كون عقد البوت ينصب على تسيير مرفق عام في مدة محددة بواسطة الملتزم.
ثانيا: تمييز عقد البوت عن عقد الشراكة.
لم يعرف المشرع الجزائري عقد الشراكة على خلاف المشرع الفرنسي الذي عرفه في المادة الأولى من قانون الشراكة الفرنسي رقم 08 – 537 على أنه: " عقد طويل المدى تشترك مؤسسة من قطاع عمومي مع مؤسسة من قطاع خاص بتمويل أو غير تمويل إنجاز وتشغيل منشأة عامة ويمكن أن يكون موضوعه خدمة مرفق عام"2، وعلى الرغم من اتفاق عقود البوت وعقود الشراكة من حيث المهام المقامة والأطراف التي تستهدف تمويل وتسيير مشاريع البنية التحتية بالإضافة إلى طول مدى التعاقد3، إلا أنهما يختلفان في تحمل المخاطر المالية والتشغيل والإدارة التي تقع على شركة المشروع في عقد البوت أما في عقد الشراكة تنص على تقاسم المخاطر والأرباح1.
1- xxxx xxxxxxx، إدارة مشروعات البنية األساسية باستخدام نظام البناء - التشغيل – التحويل BOT ، أكاديمية السادات للعلوم الإدارية، الجزء الأول، القاهرة، 2001، ص 31.
1- مي xxxx xxx علي xxxxx، النظام القانوني للتعاقد بنظام (BOOT)، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2010، ص 14.
2- xxxx xxxxxxx، المرجع السابق، ص 20.
1- xxxxx xxxx، المرجع السابق، ص62.
1- الأمر رقم 96-13 مؤرخ في 28محرم147 الموافق لـ 15جويلية 1996، يعدل ويثمم القانون رقم 83-17 المؤرخ في 22 ربيع الثاني 1403 الموافق لـ 16جوان 1983 المتضمن قانون المياه ، ج ، ر ، العدد 37، الصادر 16 جوان 1996، ص 4.
2- xxxx xxxx، محاضرات في المؤسسات الإداریة، ترجمة xxxx xxx xxxxxx، دیوان المطبوعات الجامعیة، xx xxxxx، الجزائر، طبعة 1996، ص 440.
3- بودیاب بدرة هاجر، عقد إمتیاز المرافق العامة وتطبیقاته في الجزائر، رسالة ماجستیر في قانون الإدارة العامة، جامعة العربي بن مهيدي، أم البواقي، 2009 -2010، ص 10.
4- حفیظة xxxxx xxxxxx، المرجع السابق، ص 192.
1- المرسوم الرئاسي رقم 10-236 المؤرّخ في 28 شوال 1413 الموافق7 أكتوبر 2010،یتضمّن تنظیم الصّفقات العمومیّة، ج.ر، العدد58 ،الصادر في7 أكتوبر 2010، المرجع السابق.
2 - حفیظة xxxxx xxxxxx، المرجع السابق، ص 192.
1 - الأمر رقم 01-04 المؤرخ في 21 جمادى الثانية 1422 الموافق لـ 20 أوت 2001 يتعلق بتنظيم المؤسسات العمومية الاقتصادية وتسييرها وخوصصتها، ج ر العدد 47 الصادرة في 22 اوت 2001 ص ص 11-12 المعدل والمتمم بموجب الأمر 08-01 المؤرخ في 21 صفر 1429 الموافق ل 28 فيفري 2008 ج ر العدد 11 الصادر في 02 مارس 2008.
2- La loi française N° 2008-735 du 28 juillet 2008, relative aux contrats de partenariat, sur site : www.legifrance .xxxx.xx. Consulté le 08/06/2020 à 14 H 56.
3- xxxxxxx xxxx xxx xxxxxx، القانون العام الاقتصادي والعقد الإداري الدولي الجديد، المنشورات الحقوقية، لبنان، 2010 ، ص ص 176، 177.
1- xxx xxx xxxx xxxxx، المرجع السابق، ص 111.
11