Habib_6784@yahoo.com
مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية العدد الأول/ السنة الرابعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرط المانع في عقد الإيجار
دراسة مقارنة
م.م xxxx xxxx xxxx xxxxxxxx جامعة بابل/ رئاسة الجامعة
Xxxxx_0000@xxxxx.xxx
ملخص البحث
الشرط المانع في عقد الإيجار هو منع الرخصة التي منحها القانون للمستأجر بأن يؤجر العين المستأجرة او أن يتنازل عن إيجارها للغير وذلك بأن يتم وضع بندٍ في عقد الإيجار يمنع بموجبه المستأجر من استعمال هذه الرخصة.
وهذا يعني أن هذا الشرط يتعلق بشرط يقترن بعقد الإيجار وهو يرد أما على منع المستأجر من التنازل عن الإيجار إلى الغير أو الإيجار إلى الغير من الباطن او كلا الحالتين، وهو أما أن يظهر بصورة صريحة واضحة في عقد الإيجار أو أن تكون دلالته ضمنيه يٌفيد منها من ظروف الحال أو التعاقد كما لو كانت شخصية المستأجر محل اعتبار وقد يكون الشرط المانع مطلقاً بحيث يشمل كل أنواع التصرفات ولأي شخص وفي كل أجزاء المأجور أو يكون مقيداً بشروط معينة ومحددة من قبل المؤجر.
وهنالك أحكام تسري على الشرط المانع وهي أما أن تعدم وجوده أو تأثيره وقد تتعلق بجزاء الإخلال به، فالشرط المانع قد تقتضي الضرورة وفي حالات خاصة تعطليه وذلك حماية للمصلحة العامة والتي هي أجدر بالحماية، بالوقت الذي لابد من حماية الذي تقرر ذلك الشرط لحماية مصلحته عند الإخلال به من طرف المستأجر عن طريق الجزاءات القانونية عند حصول ذلك الإخلال.
المقدمة
بعدما أضحى حق المستأجر حقاً شخصياً إذ يستطيع أن يتصرف به صاحبه جميع التصرفات الجائرة قانوناً، واستناداً إلى ذلك فان التشريعات قد جعلت الأصل هو إمكانية المستأجر إن يؤجر العين محل عقد الإيجار إلى الغير بالإيجار ويسمى ذلك بالإيجار من الباطن او أن يتنازل عن عقد الإيجار ذاته ويسمى ذلك بالتنازل عن الإيجار.والإيجار من الباطن يتم بموجب عقد إيجار جديد بين المستأجر الأصلي (المؤجر الجديد) والغير ويسمى (بالمستأجر الثانوي) وقد يكون بنفس شروط العقد القديم او بموجب شروط تختلف عن شروط عقد الإيجار الأصلي وهذا هو الغالب إذ إن المستأجر قد يعمد إلى ذلك لغرض الحصول على ربح من خلال الفرق بين بدل الإيجار الذي يحصل عليه من العقد الجديد وبدل الإيجار الذي يدفعه إلى المؤجر الأصلي، أما التنازل عن الإيجار فقد يكون دون مقابل او بمقابل وهذا هو الغالب حيث اثبت الواقع العملي حصول ذلك بشكل واسع إذ كثيراً ما نشاهد لافتات او إعلانات في واجهة بعض المحلات او الدكاكين وقد كتب عليها (المحل للبيع) فان ذلك غالباً ما يشير إلى التنازل عن عقد الإيجار إذ إن المستأجر يتنازل عن منفعة المأجور للمدة المتبقية من عقد الإيجار بنفس شروط عقد الإيجار مقابل الثمن الذي يدفعه له المتنازل إليه ويسمى ذلك عرفاً (السرقفلية) فإذا انتهت مدة عقد الإيجار فلابد من إبرام عقد جديد بين المؤجر والمتنازل إليه.
فإذا أراد المؤجر أن يمنع المستأجر من القيام بجميع هذه الأعمال (الإيجار من الباطن او التنازل عن الإيجار) عليه أن يضمن عقد الإيجار شرطاً بموجبه يمنع المستأجر من القيام بتلك الأعمال وهذا هو الشرط المانع في عقد الإيجار.
أهمية البحث
تكمن أهمية هذا الموضوع في الجوانب الآتية:
أهمية عقد الإيجار بحد ذاته خاصة بعد التطورات الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي الحاجة إلى تنظيم العلاقة بين أطراف العقد طبقاً لمبدأ حرية التعاقد مع الأخذ بنظر الاعتبار المصالح العامة لغرض تحقيق الامن والاستقرار في المجتمع.
اهتمام التشريعات المختلفة بهذا الموضوع لذلك سنجد العديد من النصوص التي تعالج جوانبه سواء في القانون المدني او في قوانين الإيجار.
لم ينال اهتمام الفقه او الباحثين لاسيما في العراق سوى بعض الشروحات المتعلقة ببعض جوانبه.
الحاجة العملية والنظرية لهذا الموضوع لاسيما أن القضاء هو الجهة المختصة بتطبيق القانون بعد تكييف الوقائع التي تنطبق عليها النصوص القانونية لذلك نأمل في تحقيق الفائدة العلمية للمهتمين في هذا المجال من خلال ما نتوصل إليه من نتائج نستدل عليها في ضوء الدراسة المقارنة والتحليل.
منهجية البحث
سنتبع منهج الدراسة المقارنة بين التشريع العراقي والمصري واللبناني إلى جانب تناولنا لموقف قوانين الإيجار أو التشريعات الاستثنائية الخاصة بهذا الموضوع وسيقودنا ذلك إلى الدراسة التحليلية والترجيح للتوصل إلى النتائج والتوصيات.
خطة البحث:
بعد هذه المقدمة قسمنا موضوع البحث إلى مبحثين تناولنا في الأول ماهية الشرط المانع وذلك في مطلبين خصصنا الأول لتمييز الشرط المانع عن ما يشتبه به من الأوضاع القانونية الأخرى والمطلب الثاني تناولنا فيه نطاق الشرط المانع وصوره، أما المبحث الثاني فتناولناه في مطلبين الأول لتعطيل الشرط المانع والثاني لجزاء الإخلال به.
المبحث الأول
ماهية الشرط المانع
يمكن أن يتضمن العقد شرطاً يؤكد مقتضاه أو بلائمه أو يكون جارياً به العرف والعادة او فيه نفع لأحد المتعاقدين أو الغير إذا لم ممنوعاً قانوناً أو مخالفاً للنظام العام والآداب العامة وإلا الغي الشرط وصح العقد مالم يكن الشرط هو الدافع للتعاقد فيبطل العقد والشرط(1).
ومن هذا المنطلق فأن عقد الإيجار بعده من العقود الرضائية يمكن أن يتضمن من الشروط المذكورة ومنها شرط المنع من الإيجار أو التنازل عنه، ولغرض التعرف على ماهية هذا الشرط يتوجب علينا بيان مفهومه ونطاقه إلى جانب صورة وذلك يقتضي تقسيم هذا المبحث إلى مطالبين وعلى النحو الأتي:-
المطلب الأول/ مفهوم الشرط المانع.
المطلب الثاني/ نطاق الشرط المانع وصورة.
المطلب الأول
مفهوم الشرط المانع
لغرض توضيح مفهوم الشرط المانع سنتناول في هذا المطلب تعريف الشرط المانع ثم تمييزه من مايشتبه به من شرط المنع من التصرف بسبب بعض أوجه الشبه. عليه سنتناول هذا المطلب في فرعين وعلى النحو الأتي.
الفرع الأول: تعريف الشرط المانع.
الفرع الثاني: تمييز الشرط المانع من شرط المنع التصرف.
الفرع الأول
تعريف الشرط المانع
أورد المشرع العراقي(2) الشرط المانع ضمن النصوص المتعلقة بحفظ المأجور بعدّها احد التزامات المستأجر ثم عاد وأشار إليه بشكل غير مباشر ضمن النصوص(3) المتعلقة في إيجار المستأجر وتنازله عن الإيجار أما التشريع المقارن(4) فقد ذكره صراحةً ضمن نطاق النصوص المتعلقة بالتنازل عن الإيجار والإيجار من الباطن.
أما الفقه فاغلبه لم يتطرق إلى وضع تعريف له إنما يذهب إلى شرح النصوص وتفسيرها وفي كل الأحوال وجدنا بعض من التعاريف للشرط المانع حيث ذهب جانباً من الفقه العراقي (5) إلى انه: منع الرخصة التي أعطاها القانون للمستأجر في أن يؤجر أو يتنازل عن الإيجار وذلك بأن يشترط عليه في عقد الإيجار إلا يقوم بمثل هذا العمل. وقد عرفه جانب أخر من الفقه العراقي(6) بأنه حرمان المستأجر من التنازل عن الإيجار أو من الإيجار من الباطن بموجب اتفاق خاص.
أما الفقه المصري فقد عرفه جانباً منه(7) بأنه: اتفاق العاقدان على أن لايكون للمستأجر أن يتنازل عن حقه في الإجارة إلى غيره ولا أن يؤجر من الباطن. في حين عرفه جانباً أخر(8) بأنه الشرط الذي يمنع المستأجر في التنازل عن الإيجار وفي الإيجار من الباطن.
ونرى بأن جميع التعاريف للشرط المانع تعطي معنى متقارباً إلا وهو اتفاق المؤجر والمستأجر على منع التأجير من الباطن أو التنازل عن عقد الإيجار ولكن التعريف الأول أولى بالترجيح لان الأصل أن القانون هو الذي أعطى الرخصة للمستأجر بالحق في الإيجار من الباطن أو التنازل عنه ثم عاد ليعطي الحق للمؤجر بمنع هذه الرخصة.
الفرع الثاني
تمييز الشرط المانع عن شرط المنع من التصرف
شرط المنع من التصرف قيد إرادي يرد على حق الملكية استثناءً من الأصل وهو حرية المالك في التصرف بملكه في ضوء الحدود التي يرسمها القانون وقد يراد منه تحقيق مصلحة المشترط او المتصرف او المتصرف إليه بشرط ألاّ يكون ذلك الشرط مؤبداً وان يكون الباعث منه مشروعاً(9).
في ضوء ماتقدم ما تقدم ولغرض التمييز بين الشرط المانع في عقد الإيجار وشرط المنع من التصرف نعرض أوجه الشبه والاختلاف بينهما وعلى النحو الآتي:
أولاً: أوجه ألشبهه:
كلاهما يكون مصدرهما الاتفاق.
كلاهما يكون مؤقتاً: فعقد الإيجار بحد ذاته يكون مؤقتاً وبنهايته ينتهي معه الشرط المانع كذلك شرط المنع من التصرف يجب أن يكون غير مؤبد.
ثانياً : أوجه الاختلاف :
1- كلا منهما يختلف عن الأخر من حيث نوع الحق الذي يرد عليه: فالشرط المانع هو قيد في عقد الإيجار الذي يعد بحد ذاته حقاً شخصياً(10) أما شرط المنع من التصرف فهو قيد يرد على الحق العيني(11).
2- كلاً منهما يختلف عن الأخر من حيث بعض أوجه الجزاء المترتبة على الإخلال بالشرط أو إمكانية تعطيله: فجزاء الإخلال بالشرط المانع هو أما التنفيذ العيني أو الفسخ مع التعويض أن كان له مقتضى أو التعويض وحده وكذلك بالإمكان تعطيل الشرط المانع(12). أما جزاء الإخلال بشرط المنع من التصرف فهو إما الفسخ أو الوقف ولا مجال لتعطيل شرط المنع من التصرف(13).
المطلب الثاني
نطاق الشرط المانع وصورة
إن هذا الشرط يتحدد بنطاق معين وهو التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن، كما إن هنالك عدة صور يظهر بها الشرط المانع عند اقترانه بعقد الإيجار، ولغرض الإحاطة بجميع ذلك بالتفصيل توجب علينا تناوله في الفرعين الآتيين:
الفرع الأول: نطاق الشرط المانع (التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن).
الفرع الثاني: صور الشرط المانع.
الفرع الأول
نطاق الشرط المانع(التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن).
يجوز للمستأجر بعدَِه صاحب حق شخصي أن يباشر جميع التصرفات القانونية الجائزة بحقه طبقاً للقواعد العامة ومن هذه التصرفات النزول عن الإيجار للغير بعوض او بدونه وهذا ما يسمى بالتنازل عن الإيجار أو أن يؤجر المأجور إلى مستأجر أخر وهذا يسمى الإيجار من الباطن(14).
والشرط المانع ينصرف إلى منع رخصة التصرف المذكورة من خلال تضمين عقد الإيجار المبرم بين طرفيه شرط يتضمن حرمان المستأجر بصفة مطلقة أو مقيدة من النزول عن الإيجار او التأجير من الباطن او كلا الحالتين(15).
وبالرغم من اتفاق المشرع العراقي(16) والمصري(17) واللبناني(18) على بعض المبادئ منها جعل الأصل هو حق المستأجر في التنازل عن الإيجار او الإيجار من الباطن في كل ما استأجره او بعضه.وان الاستثناء (19) هو منع التنازل عن الإيجار او الإيجار من الباطن.
عندما أجازت هذه التشريعات للمستأجر التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن نجد إنها اختلفت في بعض الجوانب او الاتجاهات فالمشرع العراقي(20) حدد الوقت الذي يجوز فيه للمستأجر استعمال حق الإيجار أو التنازل عنه بينما لم تتناول التشريعات المقارنة(21) ذلك.
ونؤيد اتجاه المشرع العراقي في هذا الخصوص لان عقد الإيجار هو من العقود الرضائية التي تنعقد بالتراضي ولا يشترط فيها القبض. لان التسليم هو احد التزامات المؤجر وبهذا يكون المشرع العراقي قد أزال الشك والغموض في هذا المجال.
ومن جانب أخر فان المشرع العراقي(22) يتفق مع المشرع المصري(23) بالنص القانوني الذي يقضي بأن: (منع المستأجر من أن يؤجر للغير يقتضي منعه من التنازل عن الإيجار وكذلك العكس) بينما جعل المشرع اللبناني(24) أن منع التنازل عن الإيجار لايفيد منع المستأجر من الإيجار ما لم يكن مصرحاً به، على أن منع المستأجر من الإيجار يفيد منعه من التنازل لغيره ولو كان مجاناً وان لم يصرح بهذا المنع.
ونرى بأن اتجاه المشرع العراقي والمصري أكثر وضوحاً وحزماً ولاسيما عند الأخذ بنظر الاعتبار مدى إمكانية الفهم القانوني للنصوص القانونية المتعلقة بهذا المجال.
وقد يثار التساؤل حول مدى إمكانية المستأجر بالرغم من وجود الشرط المانع أن يستعين بشريك معه لإدارة المأجور او أن يعهد به إلى نائب عنه لاستغلاله او أن يؤوي أو يستضيف قريباً او صديقاً او إن يكون له الحق في إعارته او أن يعهد به إلى خادم أو حارس أثناء فترة غيابه.
يرى الفقه الراجح(25) والذي نتفق معه بأن الشرط المانع من الإيجار أو التنازل عنه إنما هو وارد على خلاف الأصل ومن ثم يجب عدم التوسع في تفسيره ولا بد من التزام المعنى الحقيقي الذي اتجهت إليه إرادة العاقدين بصرف النظر عن سعة هذا المدى وضيقة فإذا ورد في شرط المنع جميع التصرفات وجب حمل النص على إطلاقه أي بطلان جميع تصرفات المستأجر أما إذا ورد الشرط على المنع من الإيجار أو التنازل عنه فان ذلك لايشمل التصرفات الأخرى.
الفرع الثاني
صور الشرط المانع
لغرض تفصيل الصور التي يمكن أن يظهر بها الشرط المانع وجدنا من المناسب تقسيمها حسب الزاوية التي ينظر من خلالها لكل حالة وعلى النحو الآتي:
اولاً: الشرط المانع من حيث الدلالة
وفي هذه الحالة أما أن يكون الشرط المانع صريحاً أو ضمنياً، فالشرط المانع الصريح هو الذي يكون قاطعاً في دلالته وذلك بأن يضع المؤجر بنداً في عقد الإيجار يشترط فيه على المستأجر عدم جواز التصرف بالعين المستأجرة إلى الغير سواء بالإيجار من الباطن او التنازل عن الإيجار، وفي هذا يجب أن يكون الشرط المانع واضحاً في دلالته.
أما الشرط المانع الضمني فهو ذلك الشرط الذي يفيد من ظروف التعاقد مادامت تلك الظروف قاطعة في ذلك كما لو كانت شخصية المستأجر محل اعتبار لدى المؤجر(26).
ثانياً: الشرط المانع من حيث مدى الشمولية
وفي هذه الحالة أما أن يكون الشرط المانع مطلقاً او مقيداً، فالشرط المانع المطلق هو ذلك الشرط الذي لايجوز بموجبه للمستأجر أن يتصرف بالعين محل عقد الإيجار إلى الغير بأي شكل من الإشكال.
أما الشرط المانع المقيد فهو أما أن يكون باتفاق المؤجر والمستأجر بأن يتوقف قيام المستأجر بالإيجار أو التنازل عنه على موافقة المؤجر او إلا يكون إلا لشخص معين أو إلاّ يكون التصرف إلا بموجب تصريح كتابي من المؤجر او أي قيد أخر(27).
ويتفق المشرع العراقي(28) والمشرع اللبناني(29) على انه إذا اشترط المؤجر أن يكون تأجير المأجور للغير أو تنازله عن الإيجار للغير لايكون إلا بموافقة المؤجر، فلا يجوز للمؤجر أن يمتنع إلا لسبب مشروع.
وتجدر الإشارة إلى إن المشرع العراقي(30) قد ذهب إلى تقييد المادة (775/2،1) من القانون المدني العراقي بالنسبة للعقارات المؤجرة لإغراض السكنى للعراقيين الواقعة ضمن حدود أمانة بغداد والبلديات مع مراعاة الاستثناءات الواردة في هذا القانون وذلك بموجب المادة (11) من قانون إيجار العقار رقم 87 لسنة 1979 المعدل بالقانون رقم 56 لسنة 2000 والتي تنص على انه: (يُحظر الإيجار من الباطن أو التنازل عنه كلاً أو جزءاً إلا إذا اتفق الطرفان على خلاف ذلك).
وحسناً فعل المشرع العراقي في هذا الاتجاه وذلك بجعل الأصل هو حَظر التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن والاستثناء هو أجازة ذلك على أن يكون الاتفاق بصورة تحريرية وهذا من شأنه عدم أثارة الخلافات بين المؤجر والمستأجر على إثبات الشرط المانع ولاسيما في العقارات التي أوجبت حالة الضرورة بالمشرع أن يتدخل ويجعل عقد الإيجار ممتداً بالرغم من إرادة طرفي العقد.
ويلحظ أن المشرع العراقي في نص المادة (775/2) لم يضع معياراً محدداً للسبب الذي يبيح للمؤجر أن يمتنع عن موافقته بالإيجار أو التنازل عن الإيجار في حالة اشتراطه أن يكون الإيجار أو التنازل عنه بموافقته.
ومما لاشك فيه فان هذا الأمر سيناط بالقضاء والذي سيكون له الكلمة الفصل في ذلك كونه ملزم بالحكم، ولهذا نوصي الجهات القضائية في المحاكم العراقية الموقرة بإتباع معيار واضح ومنصف يستند إلى قواعد العدالة وليس فقط الركون إلى السوابق القضائية كون القضاء العراقي غير ملزم بها ولان المسببات والظروف المحيطة بالتصرفات القانونية متغيرة أضف إلى جانب ذلك فإن الطعن بالإحكام الصادرة في الدعاوي المتعلقة بعقود الإيجار تخضع للطعن بطريق عادي وأمام محكمة الاستئناف بصفتها التميزية(31).
أما المشرع المصري(32) فلم يفرد نصاً لتلك الحالة في قانونه المدني.
المبحث الثاني
أحكام الشرط المانع
إذا اقترن عقد الإيجار بالشرط الذي يمنع المستأجر من التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن عند ذاك يتوجب على المستأجر الالتزام به طبقاً لمبدأ xxx xxxxx في تنفيذ الالتزامات التعاقدية، ولكن ذلك لايلازم عقد الإيجار إلى نهايته بسبب عوارض تطرأ عليه بعد إبرام العقد أما بسبب تنازل المؤجر عنه بعد فرضه أو بسبب التشريعات التي قد يجهلها المؤجر عند التعاقد والتي تجعل شرط المنع عديم الجدوى تجاه قوة القانون
وإذا لم يتم تعطيل الشرط المانع بسبب إرادي أو قانوني فقد يخل به المستأجر من تلقاء نفسه، ومن ثم لابد من وضع جزاءات لحماية المؤجر من ذلك الإخلال، ولغرض تسليط الضوء على جميع هذه الأحكام توجب علينا تقسيم هذا المبحث إلى المطلبين الآتيين:
المطلب الأول: تعطيل الشرط المانع.
المطلب الثاني: جزاء الإخلال بالشرط المانع.
المطلب الأول
تعطيل الشرط المانع
من البديهي أن المؤجر هو الذي يتمسك بالشرط المانع من التأجير الباطني او التنازل عن الإيجار كونه مقرراً لمصلحته ولكن الشرط المانع يجوز تعطيله إذا نزل عنه المؤجر صراحةً أو ضمناً أو قد يكون التعطيل بموجب إحكام القضاء استناداً إلى أحكام القانون المدني او بموجب قوانين الإيجار أو القوانين الاستثنائية التي أصبحت ضرورة ملحة تقتضيها المصلحة العامة سواء أكانت هذه التشريعات سابقة على إبرام عقد الإيجار أو لاحقة عليه.
ولغرض الإحاطة بهذا الموضوع من جميع جوانبه توجب علينا تناوله في الفروع الثلاثة الآتية:
الفرع الأول: تعطيل الشرط المانع بتنازل المؤجر عنه.
الفرع الثاني: تعطيل الشرط المانع بموجب أحكام القضاء.
الفرع الثالث: تعطيل الشرط المانع بموجب أحكام قوانين الإيجار او القوانين الاستثنائية.
الفرع الأول
تعطيل الشرط المانع بتنازل المؤجر عنه
بعد الاتفاق على الشرط المانع يمكن أن يتنازل المؤجر عنه كونه قد تقرر لمصلحته والتنازل أما أن يكون صريحاً كما لو كان بموجب تصريح كتابي موجه إلى المستأجر أو قد يكون التنازل ضمنياً يستدل عليه من ظروف الحال كما لو سكت المؤجر ولم يعترض على تصرف المؤجر بالعين المؤجرة بالرغم من وجود الشرط المانع سواء أكان ذلك التصرف بالإيجار من الباطن او التنازل عن الإيجار، او كما لو قبض الأجرة من المستأجر من الباطن او المتنازل إليه رغم وجود الشرط المانع في عقد الإيجار(33).
ونرى أن التنازل الصريح من جانب المؤجر يسد باب النزاع ويحقق مصالح جميع الأطراف فيكون من الأجدر للمستأجر أن يسعى للحصول على تنازل المؤجر عن الشرط المانع بموجب تصريح كتابي.
وتجدر الإشارة إلى أن التنازل عن الشرط المانع قد يكون وقتياً او قد يقتصر على تصرف معين دون أخر أو لشخص معين دون أخر، أما إذا كان التنازل كلياً ففي هذه الحالة ينتهي ويزول أثره، وفي كل الأحوال يجب أن يكون تفسير التنازل تفسيراً ضيقاً أي عدم التوسع في التفسير كون الذي يتضرر منه هو المؤجر(34).
ويلاحظ أن الأحكام السالفة الذكر تستند إلى القواعد العامة فلم يرد بخصوصها نص في القوانين الواردة في عقد الإيجار أو القوانين الخاصة بالإيجار سواء كان ذلك في القوانين العراقية أو المقارنة.
الفرع الثاني
تعطيل الشرط المانع بموجب أحكام القضاء
تنص المادة (761/2) من القانون المدني العراقي على انه: (... إذا كان المأجور عقاراً انشأ فيه مصنع او متجر وأراد المستأجر أن يبيع الشيء المنشأ، جاز للمحكمة بالرغم من وجود القيد المانع أن تحكم بإبقاء الإيجار إذا قدم المشتري ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرراً محققاً).
ويلحظ من خلال هذا النص انه بالرغم من وجود الشرط المانع فان المشرع أجاز للمحكمة أن تحكم بتعطيل الشرط المانع في حالة قيام المستأجر بإرادته ببيع المصنع أو المتجر وعند ذلك يتم تحويل العلاقة العقدية (بالنسبة للعقار المأجور) من المستأجر بائع المصنع أو المتجر إلى مشتري المصنع أو المتجر بشرط أن يقدم هذا الأخير ضماناً كافياً وعلى أن لا يلحق المؤجر من جراء ذلك ضرراً محققاً.
أما المشرع المصري فان اتجاهه مختلف بعض الشيء بهذا الخصوص إذ يشترط أن تكون هنالك ضرورة تدفع البائع إلى بيع المصنع أو المتجر حتى تحكم المحكمة بتعطيل الشرط المانع حيث تنص المادة (594/2) من القانون المدني المصري على انه: (... ومع ذلك إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار انشأ به مصنع او متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر، جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار إذا قدم المشتري ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر من ذلك ضرر محقق).
أما المشرع اللبناني فلم يأتي بنص مقابل لذلك في قانون الموجبات والعقود اللبناني، ويرى جانباً من الفقه(35).بأنه يمكن اعتبار الحكم الوارد في القوانين المقارنة تطبيقاً لنظرية التعسف في استعمال الحق ومن ثم يمكن تطبيق هذه النظرية بخصوص ذلك من قبل القضاء اللبناني .
ونتفق مع المشرع العراقي بعدم اشتراط الضرورة لبيع المصنع أو المتجر حتى يتم تعطيل الشرط المانع، ذلك لان المستأجر (بائع المصنع أو المتجر) عندما يَقّدم على بيع منقولاته في المصنع أو المتجر فأنه مما لاشك فيه أن هنالك سبب أو ضرورة لإقدامه على ذلك هذا من جانب ومن جانب أخر فانه من الصعوبة وضع معيار واضح ومحدد للضرورة التي تقتضي بيع المصنع أو المتجر.
الفرع الثالث
تعطيل الشرط المانع بموجب قوانين الإيجار او القوانين الاستثنائية
كان المشرع العراقي بموجب أحكام قانون إيجار العقار رقم 87 لسنة 1979 المعدل قد اقتصر على حلول المشتري محل المستأجر على حالة بيع المصنع دون المتجر ذلك الأمر الذي لم تستثنيه المادة (761/2) من القانون المدني العراقي وهذا يعني انه قد قيد النص الأخير استناداً إلى مبدأ (الخاص يقيّد العام) إلا إن المشرع العراقي عاد إلى أحكام المادة (761/2) بعد إلغاء المادة (12) من قانون إيجار العقار رقم 87 لسنة 1979 بالمادة (7) من قانون تعديل قانون إيجار العقار رقم 56 لسنة 2000.
وحسناً فعل المشرع العراقي كون المادة (761/2) أكثر شمولية وملائمة في معالجة حالة بيع المصنع أو المتجر على حد السواء وذلك لتشجيع القطاع التجاري في ممارسة نشاطه داخل البلد 0
أما المشرع المصري فانه قد شرّع قانوناً خاصاً لمعالجة تطبيق المادة (594/2)(36) من قانونه المدني إذ نصت المادة(20) من القانون رقم 136 لسنة 1981 على انه: (... يقضي بإلزام المستأجر في الحالات التي يجوز فيها النزول عن الإيجار بتخويل المالك نسبة 50% من مقابل التنازل بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين وبإلزامه بان يخطر المالك بإعلان على يد محضر بالثمن المعروض عليه جاز للمستأجر أن يتنازل عن الإيجار بالرغم من وجود الشرط المانع).
ومن جانب أخر فإن المشرع المصري(37) أجاز لمستأجر المكان لغرض مزاولة مهنة المحاماة أو ورثته في التنازل عنه إلى من يزاول نفس المهنة (المحاماة) مع عدم الإخلال بحق المالك في الحصول على نسبة 50% من مقابل التنازل عن حق الانتفاع المنصوص عليه في المادة(20) من قانون الإيجارات رقم (136) لسنة 1981. وللقضاء المصري(38) تطبيقات عملية بهذا الشأن.
ويلحظ أن المشرع المصري قد حقق في ذلك الموازنة بين مصلحة المؤجر والمستأجر علاوة على تحقيق المصلحة العامة من خلال تشجيع النشاطات الأخرى مثل أعمال المحاماة.
ولغرض تشجيع بعض الأنشطة الخدمية والمهنية نوصي المشرع العراقي بتشريع قانون يقضي بتعطيل الشرط المانع في حالة وجوده وتنظيم العلاقة الايجارية بين مؤجر العقار والمستأجر الذي يمارس احد الأنشطة الخدمية أو المهنية المتعلقة بالمصلحة العامة والضرورية مثل المستشفى أو الصيدلية أو العيادات البيطرية أو مكتب المحاماة وذلك عندما يرغب المستأجر صاحب هذه المهن ببيع منشاته أو منقولاته في العقار المأجور إلى الغير وبالتالي انتقال عقد الإيجار إلى المشتري بالرغم من وجود الشرط المانع.
المطلب الثاني
جزاء الإخلال بالشرط المانع
إذا اشترط المؤجر في عقد الإيجار منع المستأجر من التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن إلى الغير ثم خالف المستأجر هذا الشرط بالإيجار أو التنازل إلى الغير فان ذلك يرتب علاقة عقدية بين المستأجر الأصلي والغير ولكن تلك العلاقة تكون غير نافذة في حق المؤجر الأصلي والذي يمكن له عدم الاعتراف بها وان لايسمح للمتنازل إليه أو المستأجر الجديد من استعمال المأجور(39) وعندئذ لايكون أمام الغير إلا الرجوع على المستأجر الأصلي بالتعويض عن الإضرار التي إصابته بسبب ذلك على أن يكون xxx xxxxx أي لايعلم بالشرط المانع في عقد الإيجار الأصلي(40) .
أن إخلال المستأجر الأصلي بالشرط المانع يستوجب فرض الجزاءات المنصوص عليها في القواعد العامة المتعلقة بالمسؤولية التعاقدية(41) وهي التنفيذ العيني الجبري أو فسخ عقد الإيجار مع التعويض إن كان له مقتضى أو التعويض.
ومن ذلك فان جوهر البحث في هذا المطلب ينصب في الجزاءات الخاصة بالإخلال في الشرط المانع والتي سنتناولها في الفروع الثلاثة الآتية:
الفرع الأول: التنفيذ العيني الجبري.
الفرع الثاني: فسخ عقد الإيجار.
الفرع الثالث: إلزام المستأجر بتعويض المؤجر.
الفرع الأول
التنفيذ العيني الجبري
استناداً للقواعد العامة(42) فإن المدين بالالتزام يجبر على تنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً متى كان ذلك ممكناً، فإذا كان المؤجر قد اشترط في عقد الإيجار أن لايقوم المستأجر بإيجار المأجور أو التنازل عن عقد الإيجار إلى الغير إطلاقاً أو اشترط أن لا يتم ذلك إلا بموافقته على شخص معين وبالرغم من ذلك فإذا خالف المستأجر الشرط المانع فإن ذلك العمل يعد غير نافذ بحق المؤجر ويجوز له أن يرفع دعوى تخليه (المستأجر الجديد) كونه شاغلاً أو مستعملاً للمأجور دون سند قانوني مع إلزام المستأجر الأصلي بشغل المأجور للمدة المتبقية طبقاً للاستعمال المتفق عليه او طبقاً للاستعمال الذي يتفق مع طبيعة المأجور ويساعد على حفظه(43)، أما إذا كان الشرط المانع مقيداً كما لو كان المؤجر قد اشترط على المستأجر دفع أجر أعلى عند الإيجار من الباطن. فللمؤجر أن يطالب بزيادة الأجرة بالإضافة إلى حقه في المطالبة بجميع الضمانات التي تحقق مصلحته في ذلك مثل حق الامتياز والحجز التحفظي على منقولات المستأجر الجديد(44).
ويلحظ أن المشرع العراقي(45) يتفق مع المشرع المصري(46) بأن جعل للمؤجر حق امتياز على المنقولات والمحصولات المملوكة للمستأجر من المستأجر الأصلي إذا كان قد اشترط صراحةً على المستأجر عدم الإيجار، أما المشرع اللبناني(47) فقد أعطى الحق للمؤجر في مقاضاة المستأجر الثاني أو المتنازل إليه وذلك في جميع الأحوال التي يحق له فيها بمقاضاة المستأجر الأصلي.
الفرع الثاني
فسخ عقد الإيجار
يجوز للمؤجر أن يطلب فسخ عقد الإيجار بدلاً من طلب التنفيذ العيني بسبب إخلال المستأجر بالتزامه بعدم التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن وعلى أن لايكون المؤجر قد اختار التنفيذ العيني دون الفسخ وقد تم فعلاً إخلاء المستأجر من الباطن أو المتنازل إليه(48).
واستناداً إلى القواعد العامة(49) فإذا لم يوف احد المتعاقدين بما وجب عليه بالعقد جاز للعاقد الأخر بعد الأعذار أن يطلب الفسخ مع التعويض إن كان له مقتضى.
ويلحظ أن المؤجر إذا رفع دعوى الفسخ تجاه المستأجر فأن المحكمة غير ملزمة للحكم به ولاسيما إذا كانت مخالفة الشرط المانع غير مؤثرة كما لو عَدَل المستأجر عن التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن أو عمل على إزالة المخالفة، وإذا أراد المؤجر سلب السلطة التقديرية للمحكمة للحكم بالفسخ فعليه أن يتفق مع المستأجر الأصلي على أن عقد الإيجار ينفسخ حتماً من تلقاء نفسه دون حاجه إلى حكم ولا إعذار في حالة حصول أي مخالفة للشرط المانع(50).
ونرى بأن المدعى عليه في دعوى الفسخ هو المستأجر الأصلي الذي يجب أن تقام الدعوى عليه ابتداءاً كون قرار الفسخ سوف يجري بمواجهته(51) ولكن إجراءات حسم الدعوى تستوجب إدخال المستأجر من الباطن إلى جانب المستأجر الأصلي(52) كما يجوز للمؤجر الأصلي (المدعي) أن يطلب بالإضافة إلى الفسخ تخلية المستأجر من الباطن بموجب دعوى حادثة منظمة(53).
الفرع الثالث
إلزام المستأجر بتعويض المؤجر
إذا اخل المستأجر بالتزامه وحكم عليه بالتنفيذ العيني أو الفسخ مع تخلية المأجور من المستأجر الجديد أو المتنازل إليه فأن المشرع العراقي(54) واستناداً للقواعد العامة يتفق مع المشرع المصري(55) واللبناني(56) بإجازة الحكم بتعويض المؤجر عما قد يصيبه من ضرر، وقد يكون الحكم بالتعويض بدلاً من التنفيذ العيني إذا كان التنفيذ العيني مرهقاً للمستأجر على أن لايلحق المؤجر ضرراً من ذلك.
فإذا ترتب على التنفيذ العيني أو فسخ عقد الإيجار إخلاء المستأجر من الباطن أو المتنازل إليه وبقاء العين شاغرة ففي هذه الحالة ينبغي تعويض المؤجر عن المدة الباقية لعقد الإيجار والذي يحكم عليه بهذا التعويض هو المستأجر الأصلي وإذا ألحق المستأجر من الباطن أو المتنازل إليه ضرراً بالمأجور كتلف في بعض أجزاءه فان المستأجر الأصلي أيضاً يلزم بقيمة الضرر الذي حصل في المأجور(57)
وإذا أخل المستأجر الأصلي بالشرط المانع وقام بالتنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن إلى شخص أخر ثم قام هذا الأخير بمنافسة مستأجر أخر لعقار آخر من نفس المؤجر الأصلي وكان الأول قد اشترط على الأخير عدم التأجير لشخص يمارس نفس مهنته ففي هذه الحالة تنهض مسؤولية المؤجر العقدية والتي له أن يرجع بها على المستأجر الأصلي بالإضافة للرجوع عليه بجميع الأضرار المادية أو المعنوية الناشئة عن تصرفه بالمأجور إلى الغير(58).
الخاتمة
بعد الانتهاء من كتابة هذا البحث والحمد لله توصلنا إلى النتائج والتوصيات الآتية:
أولاً : النتائج:
الشرط المانع في عقد الإيجار هو منع الرخصة التي منحها القانون للمستأجر بأن يؤجر العين المستأجرة او أن يتنازل عن إيجارها إلى الغير وذلك بأن يتم وضع بنداً في عقد الإيجار بأن لايقوم المستأجر بهذا العمل.
بالرغم من اتفاق المشرع العراقي في المادة (775/1) من القانون المدني العراقي مع التشريعات المقارنة بجعل الأصل هو إجازة الإيجار من الباطن او التنازل عن الإيجار إلا أن المشرع العراقي حدد الوقت الذي يجوز فيه استخدام هذا الحق حيث أجاز ذلك سواء قبل استلام المأجور او بعده وهذا الموقف يحمد عليه كون عقد الإيجار بحد ذاته هو عقداً رضائياً.
اتجه المشرع العراقي في قانون إيجار العقار رقم 87 لسنة 1979 المعدل بالنسبة للعقارات التي تخضع لهذا القانون إلى جعل الأصل فيه هو حضر التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن وقد اشترط في حالة الاتفاق على خلاف ذلك بأن يكون ذلك الاتفاق تحريرياً.
يجب عدم التوسع في تفسير الشرط المانع كونه وارد على خلاف الأصل وبالتالي فإن منع الإيجار أو التنازل عن الإيجار لايمتد إلى إمكانية أن يستعين المستأجر بشريك معه لإدارة المأجور أو نائب لاستغلاله او استضافة وإيواء صديق أو قريب أو أن يعهد بالمأجور إلى خادم أو حارس إثناء فترة غيابه.
اوجب المشرع العراقي في المادة (775/2) من القانون المدني على المؤجر إذا اشترط على المستأجر أن يكون الإيجار أو التنازل عن الإيجار بموافقته أن لايمتنع إلا لسبب مشروع ولم يحدد معيار للسبب المشروع وهذا يعني ترك الأمر لاجتهاد القضاء.
لقد اتجه المشرع العراقي اتجاهاً يحمد عليه في المادة (761/2) عندما نص على تعطيل حكم الشرط المانع المتفق عليه في حالة بيع المستأجر للمصنع او المتجر وذلك بنقل العلاقة الايجارية بين المؤجر والمستأجر إلى المشتري ليحل محل المستأجر الأصلي ليصبح المشتري هو المستأجر الجديد إذا قدم هذا الأخير ضماناً كافياً ولم يلحق المؤجر ضرراً من ذلك، ولكن المشرع العراقي لم يعالج حالات أخرى مشابهه لاتقل أهمية عن ذلك لحد الآن.
ثانياً :التوصيات
بما إن المادة (775/2) من القانون المدني العراقي، قد منعت المؤجر بأن لايتعسف في الموافقة على قيام المستأجر بالإيجار أو التنازل عنه عند وجود اتفاق يقضي بأن يعلق ذلك على موافقة المؤجر فإنها لم تحدد معياراً للسبب المشروع الذي يبيح للمؤجر الامتناع وبالتالي فأن الأمر سيناط إلى القضاء.عليه نوصي الجهات القضائية الموقرة في محاكم الاستئناف بوضع معيار واضح ومحدد يلائم ظروف وملابسات كل حالة عند الحكم بهذا الموضوع.
نوصي المشرع العراقي بضرورة مواكبة التشريعات المقارنة المتعلقة بتنظيم العلاقة الايجارية في حالة وجود الشرط المانع بين مؤجر العقار والمستأجر الذي يمارس احد الأنشطة الخدمية او المهنية مثل المستشفى أو الصيدلية أو مكتب المحاماة في حالة رغبة المستأجر بيع منشاته او منقولاته في العقار المأجور إلى الغير وذلك بتعطيل الشرط المانع وتحويل العلاقة الايجارية من المستأجر الأصلي إلى المشتري ليكون هو المستأجر الجديد مع الأخذ بنظر الاعتبار مصالح الجميع.
هوامش البحث
(1) ينظر: نص المادة (131/2,1) من القانون المدني العراقي ولم نجد نصاً مقابلاً في القوانين المقارنة ونعتقد أنها تكتفي بقواعدها
العامة الأخرى المتعلقة بعدم جواز مخالفة النظام العام والآداب العامة وان المشرع العراقي افرد هذا النص للتأكيد على ذلك.
(2) ينظر نص المادة (761/2) من القانون المدني العراقي.
(3) ينظر نص المادة (775/1) من القانون المدني العراقي.
(4) ينظر نص المادة (594/1) من القانون المدني المصري تقابلها المادة (584) من قانون الموجبات والعقود اللبناني.
(5) ينظر د.xxxx xxx xxxxx، شرح عقدي البيع والإيجار في القانون المدني العراقي، مطبعة الأهالي، بغداد، 1956، ص406.
(6) ينظر د.xxxxx xxxxxxx، الوجيز في شرح العقود المسماة، ج1، ط3،النشر بمساعدة جامعة بغداد، ص294.
(7) د.xxxxxx xxxx، شرح عقد الإيجار، ط2، الناشر، دار النشر للجامعات المصرية-القاهرة، 1954، ص439. وينظر:د.xxxx xxxx xxxx، الوجيز في عقد الإيجار، الناشر-منشاة المعارف في الإسكندرية، 2006، ص447.
(8) ينظر د.xxx xxxxxx xxxx xxxxxxxx، الوسيط في شرح القانون المدني، ج6، الناشر-دار النهضة العربية، 1963، ص667
لمزيد من التفاصيل ينظر: د.xxxx xxx xxxxxx، شرط المنع من التصرف، رسالة ماجستير مقدمة إلى مجلس كلية القانون بجامعة بابل، 2001، ص13 وما بعدها.
ينظر: د.xxx xxxxxx xxxx xxxxxxxx، الوسيط في شرح القانون المدني،ج6، الناشر-دار النهضة العربية، 1963، ص630 وينظر:.د.xxxxx xxx xxxxxx، دروس في العقود المسماة-عقد الإيجار، الناشر-الدار الجامعية، دون ذكر لسنة الطبع، ص195.
ينظر: د.xxx xxxxxx xxx xxxxx، الحقوق العينية الأصلية، طبع ونشر دار النهضة العربية-بيروت، 1982، ص133.
سوف نتناول هذه الأحكام بشيء من التفصيل في المراحل اللاحقة من هذا البحث.
ينظر: د.سلام xxx xxxxxx xxx xxxx xxxxxxxx، المصدر السابق، ص109.
(14) ينظر: د.xxxxx xxxxxxx، المصدر السابق، ص291. وينظر د.xxxxx xxxxx، العقود المسماة، ط4،دون ذكر للناشر،2004، ص538.
(15) ينظر: د.xxxx xxxx xxx، الوجيز في شرح أحكام الإيجار، طبع ونشر دار النهضة العربية، 1967،ص249.
(16) ينظر: نص المادة (775/1) من القانون المدني العراقي.
(17) ينظر: نص المادة (593) من القانون المدني المصري.
(18) ينظر: نص المادة (584/1) من قانون الموجبات والعقود اللبناني.
(19)ينظر: نص المادة (810) من القانون المدني العراقي ونص المادة (11) من قانون إيجار العقار رقم 87 لسنة 1979 المعدل.وينظر نص المادة (625) من القانون المدني المصري ونص المادة (32) من قانون الإصلاح الزراعي في مصر رقم 96 لسنة 1992.
(20) ينظر: المادة (775/1) من القانون المدني العراقي والتي تنص على انه: (للمستأجر ان يؤجر المأجور كله او بعضه بعد قبضه أو قبله في العقار والمنقول وله كذلك ان يتنازل عن كل هذا مالم يقضي الاتفاق او العرف بغير ذلك).
(21)ينظر: المادة (593) من القانون المدني المصري والتي تنص على انه: (للمستأجر حق التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن وذلك عن كل ما استأجره أو بعضه مالم يقضي العرف بغير ذلك).وينظر:المادة (584) من قانون الموجبات والعقود اللبناني والتي تنص على انه: (يحق للمستأجرأإن يؤجر كل المأجور أو جزء منه وان يتنازل عن الإيجار لغيره مالم يكن قد نص في العقد على منعه من الإيجار أو التنازل أو كان هذا المنع مستفاداً من ماهية الشيء المأجور).
(22)ينظر: نص المادة (761/2) من القانون المدني العراقي.
(23)ينظر: نص المادة (594/1) من القانون المدني المصري.
(24) ينظر: نص المادة (584/.) من قانون الموجبات والعقود اللبناني
(25) ينظر: د.xxxx xxx xxxxx، التعليق على النصوص الإجرائية في قانون إيجار الأماكن، الناشر منشأة المعارف بالإسكندرية، 1982، ص54. وينظر د.xxxxxx xxxx، المصدر السابق، ص442. وينظر: د.xxxx xxxx، العقود المسماة، الجزء الأول، منشورات زين الحقوقية،2007، ص511.وينظر: xxx xxxxxx،الإخلاء للتأجير الباطني، الناشر دار العروبة للطباعة والنشر، دون ذكر لسنة الطبع، ص303.
(26)ينظر: د.xxxxx xxxxxxx، المصدر السابق، ص294.ينظر: د.xxx xxxxxx xxxx xxxx، العقود المسماة(الإيجار والتامين)، طبع دار الكتاب العربي-مصر-القاهرة، 1961، ص117.
(27)ينظر: د.xxxx xxx xxxxxx، المصدر السابق، ص406.د.xxxx xxx، عقد الإيجار، منشورات المكتبة العصرية، صيدا-بيروت، دون ذكر لسنة النشر، ص73.
(28)ينظر: نص المادة (775/2) من القانون المدني العراقي.
(29)ينظر: نص المادة (584/5) من قانون الموجبات والعقود اللبناني.
(30) ينظر: نص المادة الأولى من قانون إيجار العقار رقم (87) لسنة 1979 المعدل.
(31)ينظر: نص المادتان (34/203،1) من قانون المرافقات المدنية العراقي.
(32)ينظر المادة (593) من القانون المدني المصري والتي لم تتضمن إلا فقرة واحدة والتي تنص على انه:( للمستأجر حق التنازل عن الإيجار أو الإيجار من الباطن وذلك عن كل ما استأجره أو بعضه ما لم يقضي الاتفاق بغير ذلك)
(33) ينظر: د.xxx xxxxxx xxxx راوي، المصدر السابق، ص118.
(34) ينظر: د.xxxx xxx xxxxxx، المصدر السابق، ص410-411.
(35) ينظر:د.xxx xxxxxx xxxx xxxxxxxx،المصدر السابق، ص677.
(36) سبق وان ذكر النص في الموضوع السابق.
(37) ينظر: نص المادة (55/2) من قانون المحاماة المصري رقم 17 لسنة 1983 المعدل.
(38) ينظر: قرار محكمة النقض المصرية المرقم 360 لسنة 64ق بتاريخ 22/6/1999 والذي يقضي: (... عدم جواز تنازل المحامي أو ورثته من إيجار مكتبة لمزاولة غير المحاماة من المهن الحرة سريانه في حق المؤجر). د.xxx xxxx xxxxxx، الجديد في قوانين الإيجارات في ضوء احدث أحكام محكمة النقض، ط1،دون ذكر للناشر 2005-2006، ص164.
(39) ينظر: د.xxxxx xxxxxxx، المصدر السابق، ص 296.وينظر د.xxxx xxx xxxxxx،المصدر السابق، ص409.
(40)ينظر: د.xxxxxx xxxx، المصدر السابق، ص449.
(41) نلفت الانتباه إلى إن المشرع العراقي تناول أحكام المسؤولية التعاقدية في المواد (168-176) من القانون المدني العراقي.
(42)ينظر: المادة (246/1) من القانون المدني العراقي تقابلها المادة (203) من القانون المدني المصري والمادة (249) من قانون الموجبات والعقود اللبناني.
(43) ينظر: د.xxxxxx xxxx، المصدر السابق، ص449.
(44) ينظر: د.xxx xxxxxx xxxx xxxxxxxx،المصدر السابق، ص692.
(45) ينظر: نص المادة (1374/2) من القانون المدني العراقي.
(46)ينظر: نص المادة (1143/3) من القانون المدني المصري.
(47)ينظر: المادة (588) من قانون الموجبات والعقود اللبناني والتي تنص على انه: (للمؤجر في جميع الأحوال التي يحق له
(48)ينظر:د.xxxx xxx xxxxxx، المصدر السابق، ص409. وينظر: د.xxxxxx xxxx، المصدر السابق، ص453
(49) ينظر: المادة (177/1) من القانون المدني العراقي تقابلها المادة (157/1) من القانون المدني المصري والمادة(241) من قانون الموجبات والعقود اللبناني.
(50) ينظر: د.xxx xxxxxx xxxx xxxx،المصدر السابق،ص120.وينظر: المادتان (178،177) من القانون المدني العراقي تقابلها المادتان(157/2،158) من القانون المدني المصري والفقرة الأخيرة من المادة (241) من قانون الموجبات والعقود اللبناني.
(51) ينظر: المادة(4) من قانون المرافعات المدنية العراقي.
(52)ينظر: المادة(69/2) من قانون المرافعات المدنية العراقي.
(53)ينظر: المادة (67) من قانون المرافعات المدنية العراقي.
(54)ينظر: المادتان (177/1 ، 246/2) من القانون المدني العراقي.
(55)ينظر: المادتان (157/1 ، 203/2) من القانون المدني المصري.
(56)ينظر: المادتان (252،241) من قانون الموجبات والعقود اللبناني.
(57)ينظر: د.xxxx xxx xxxxx xxxxxx، عقد الإيجار،طبعة جديدة، دون ذكر للناشر، 1998، ص277. وينظر:د.xxxx xxxx xxx، المصدر السابق،ص252.
(58)ينظر:د.xxx xxxxxx xxxx xxxxxxxx، المصدر السابق، ص695.
المصادر
اولاً: الكتب القانونية
د.xxxx xxx xxxxx،التعليق على النصوص الإجرائية في قانون إيجار الأماكن،الناشر منشأة المعارف بالإسكندرية،1982.
د.xxxx xxxx، العقود المسماة، الجزء الأول، منشورات زين الحقوقية،2007.
xxx xxxxxx،الإخلاء للتأجير الباطني ،دار العروبة للطباعة والنشر،دون ذكر لسنة الطبع.
د.xxxxx xxx xxxxxx،دروس في العقود المسماة،الناشر الدار الجامعية،دون ذكر لسنة الطبع.
د.xxxx xxx،عقد الإيجار،منشورات المكتبة العصرية-صيدا-بيروت،دون ذكر لسنة الطبع.
د.xxxxx xxxxxxx، الوجيز في شرح العقود المسماة، ج3، ط3، طبع جامعة بغداد، 1974.
د.xxxxxx xxxx، شرح عقد الإيجار،ط2، الناشر دار النشر للجامعات المصرية-القاهرة، 1954.
د.xxxx xxxxx، عقد الإيجار، الناشر منشأة المعارف-الإسكندرية، 1998.
د.xxxx xxx xxxxxx، شرح عقدي البيع والإيجار في القانون المدني العراقي، طبع مطبعة الأهالي-بغداد، 1956.
10- د.xxx xxxxxx xxxx xxxxxxxx، الوسيط في شرح القانون المدني، ج6، الناشر دار النهضة العربية،1963.
11- د.xxx xxxx xxxxx، النظرية العامة للالتزام، ج1، مطبقة نهضة مصر بالفجاله،1954.
12-د.xxx xxxxxx xxxxxxxx،العقود المسماة(الإيجار والتأمين)،طبع ونشر دار الكتاب العربي-مصر-القاهرة،1961.
13- د.xxx xxxxxx xxx xxxxx،الحقوق العينية الأصلية، طبع ونشر دار النهضة العربية-بيروت،1982.
14- د.xxxx xxxx xxxx،الوجيز في عقد الايجار،الناشر منشأة المعارف بالإسكندرية،2006.
15- د.xxxxx xxxxx،العقود المسماة،ط4،دون ذكر للناشر،2004.
ثانياً: الرسائل الجامعية
- سلام xxx xxxxxx xxx xxxx، شرط المنع من التصرف، رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية القانون بجامعة بابل،2001.
ثالثاً: القرارات القضائية
1 - قرار محكمة النقض المصرية المرقم 360 لسنة 64 بتاريخ 22/6/1999، د.xxx xxxx xxxxxx، الجديد في قوانين الإيجار في ضوء احدث أحكام محكمة النقض، ط1، دار النهضة العربية، 2005-2006.
2-- قرار محكمة استئناف بابل الاتحادية بصفتها التميزية المرقم144/ت حقوقية/2011في5/5/2011(غير منشور).
رابعاً: القوانين
1- العراقية
القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 المعدل.
قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل.
قانون إيجار العقار رقم 87 لسنة 1979 المعدل.
2- المصرية
القانون المدني رقم 131 لسنة 1948 المعدل.
قانون الإيجارات رقم 136 لسنة 1981.
قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983.
قانون الإصلاح الزراعي رقم 96 لسنة 1999.
3-اللبنانية
- قانون الموجبات والعقود اللبناني الصادر في 9/3/1932.
Abstract
Inhibitor in the condition of the lease is to prevent the license granted by the law of the tenant that rented or leased to waive rent to others, so that the item is placed in the lease which prevents the tenant from the use of this license.
This means that this condition is the requirement associated with the lease which is either to prevent a tenant of assignment of lease to others or lease to a third party subcontractor, or both cases, which either appears explicitly clear in the lease or to be significant implicit benefiting from the circumstances of the case or the contract as if it were a personal place of the tenant may be considered as an absolute requirement inhibitor so as to include all types of actions and to any person and in all parts of the hack or be restricted to certain conditions and specified by the lessor.
There are provisions apply to the condition inhibitor is either to execute its existence or its effect may relate to sanction breaches of, this condition inhibitor may be necessary in special cases abeyance it in order to protect the public interest and that are more worthy of protection, the time has to be the protection of which it was decided that the requirement to protect his interests when the breach him by the tenant by legal sanctions for when such breach.
Inhibitor in the condition of the lease
Comparative Study
Xxxxx Xxxxx Xxxxx XX-Xxxxxx
330