المطلب الثاني: أطراف عقد البوت BOT. الفرع الأول: أطراف عقد البوت BOT.
الباب الأول: عقد البناء، التشغيل ونقل الملكية "البوت "
محاضرات عقود الأعمال 2023- 2024
المحاضرة الرابعة
المطلب الثاني: أطراف عقد البوت BOT.
يعد عقد البوت عبارة عن نظام تعاقدي حديث نسبياً، يقوم بدور الريادة في تحقيق طموحات وتطلعات كافة دول العالم، حيث يساهم في ترسيخ أسس متينة للتنمية الاقتصادية المستدامة، كما أن إبرام هذا العقد يتطلب وجود عدة أطراف منها الأطراف الأساسية وأخرى ثانوية (الفرع الأول)، الأمر الذي يدعونا إلى محاولة الفهم العميق للطبيعة القانونية لهذا العقد، خصوصاً مسألة تأصيل الجدل الفقهي الكبير القائم حول التكييف القانوني السليم لعقد البوت (الفرع الثاني).
الفرع الأول: أطراف عقد البوت BOT.
نظرا لعدم استطاعة غالبية البلدان تلبية احتياجات البنية التحتية بما تمتلكه من إمكانيات ووسائل مادية وبشرية، فإنها لجأت إلى القطاع الخاص كبديل لتمويل هذه المشاريع وتشغيلها، كما اتخذت من عقود البوت BOT كآلية اقتصادية يرتبط مفهومها بوجود الدولة كسلطة متعاقدة مع شركة المشروع وهي تشكل أطراف أساسية لهذه العقود أولا، إلى جانب وجود أطراف أخرى ثانوية كالممولين والمشغلين وشركات التأمين وغيرهم ثانيا.
أولا: الأطراف الأساسية لعقد البوت BOT.
يمكن حصر أطراف هذا العقد الأساسية في الدولة مانحة الامتياز أو صاحبة المشروع من جهة وشركة المشروع أو الشركة المنفذة للمشروع من جهة أخرى.
1- الدولة المضيفة كطرف في عقد البوت BOT:
تعتبر الدولة في عقد البوت BOT طرفا رئيسيا باعتبارها صاحبة المشروع المزمع إنشاؤها، ويظهر مضمون الدولة في العديد من الأطراف المحلية المشترطة والمعنية بتنفيذ المشروع بدءا بالوزارة المختصة والوزارات ذات العلاقة بالمشروع انتهاءا بمجلس الوزراء الذي يتعين أخذ موافقته على إنشاء المشروع بنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية، بالإضافة إلى كافة الجهات الإدارية التابعة للدولة التي يتعين عليها تذليل أي عقبات قد تواجه شركة المشروع، والجهات المختصة بتدريب العمال المحليين وتأهيلهم لإدارة المشروع بعد انتهاء المدة الممنوحة للشركة1.
يترتب على الدولة المضيفة تقديم أرض المشروع أي محل إقامة المشروع والتي قد تكون في شكل مساحة برية أو بحرية أو جوية، بالإضافة إلى حق الامتياز الذي بموجبه تنتفع حركة المشروع بالأرض المقدمة من الدولة، وتبدأ بتنفيذ المشروع وبناءه وتشغيله وإدارته، إلى جانب الضمانات التشريعية والقانونية الكفيلة بحماية ورعاية الاستثمار الأجنبي على أرضها2.
2- الشركة المنفذة للمشروع:
تقوم هذه الشركة بتمويل وبناء وتشييد وتشغيل وإدارة المشروع حسب الاتفاق المبرم مع الدولة صاحبة المشروع، وتعنى الشركة المنفذة بجوانب كثيرة عند اتخاذها قرار الاستثمار بنظام البوت، حيث تتكفل بالنفقات المالية للمشروع ولكي تقبل تنفيذ المشروع فإنها تطلب من الدولة المضيفة ضمانات فعلية تكفل لها تحقيق عائد كبير من المشروع يغطي النفقات التي دفعتها ويبقى لها نصيبا كافيا من الأرباح3، وقد تكون الشركة المنفذة للمشروع محلية أو عالمية، أو قد تكون في شكل اتحاد بين مجموعة من الشركات المحلية أو العالمية أو المتعددة الجنسيات، ويأخذ تكوين هذه الشركة من الناحية العملية عدة مراحل:
ففي المرحلة الأولى يتم الدخول في اتفاق تعاقدي بين عدة شركات من أجل تقديم عرض مشترك، وتبدأ المرحلة الثانية في حالة رسو العطاء، حيث يتم إبرام اتفاق تفصيلي بين أصحاب العرض المشترك لتحديد حقوق والتزامات المساهمين في شركة المشروع، وتأتي المرحلة الأخيرة المتمثلة في شركة المشروع واكتسابها الشخصية الاعتبارية المستقلة1.
ثانيا: الأطراف الثانوية لعقد البوت BOT.
إلى جانب الأطراف الأساسية للعقد والمذكورة أعلاه، يمكن أن تنضم لهذا العقد أطراف ثانوية تساعد الدولة صاحبة المشروع والشركة المنفذة له على xxx xxxxx الأحكام التعاقدية في المدة الزمنية المتفق عليها، ومن بين هؤلاء نذكر المستشارون، الممولون، الموردون، شركات التأمين وغيرهم2.
1- المستشارون والخبراء:
تلجأ الدولة في حالة الرغبة في التعاقد عن طريق نظام البوت إلى الخبراء والمستشارين والاستفادة من خبرتهم في هذا المجال، بالنظر لعدم امتلاك أجهزتها على الخبرة اللازمة في مثل هذا النوع من العقود، حيث يؤدي هؤلاء الخبراء دورا بالغ الأهمية لمعاونة الجهة الإدارية المختصة في تحديد جدوى المشروع الاقتصـــــادي والاجتمـــــــــــاعي، وتحضير سندات العتاد وتقييم العروض، هذا ما نصت عليه المادة 158 من المرسوم الرئاسي 10/236، يمكن اللجنة أن تستعين على سبيل الاستشارة بأي شخص ذي خبرة من شأنه أن يساعدها في أشغالها1.
تمارس الدولة صاحبة المشروع الرقابة على أعمال المستشارين والخبراء، ولها الحق في إنهاء العقد في حالة إخلال المتعاقد معها في القيام بالواجبات الملقاة على عاتقه2.
2- الممول:
قد لا تتوفر لدى شركة المشروع سيولة نقدية كافية تمكنها من بناء وتشغيل مشاريع البنية التحتية، لذا قد تلجأ هذه الشركة لوسائل أخرى لتمويل هذه المشاريع، من بين هذه الوسائل طلب قروض من المؤسسات المالية، وتختلف هذه المؤسسات المالية التمويلية من حيث طبيعة نشاطها، حيث يمكن تقسيمها إلى ثلاث أنواع وهي: مؤسسات التمويل التجارية، مؤسسات التمويل التنموية ووكالات التنمية الوطنية3.
تبرم الجهات الممولة عقود التمويل مع شركة المشروع بعد دراسة المشروع موضوع عقد البوت والتحقق من قابليته لإنتاج الإيرادات الكافية لتغطية وسداد القروض المقدمة من طرفها4.
3- المقاول:
وهو الشخص الذي تختاره شركة المشروع للقيام بالأعمال اللازمة للإنشاءات ويكون من مؤسسي شركة المشروع أو طرف فيها وهذا في الغالب5.
4- المشغل:
يجري إبرام هذا العقد عقب الانتهاء من مرحلة الإنشاء، حيث يقوم المتعاقد بتحديد المواد اللازمة والضرورية للتشغيل، وتأمين الخدمات اللازمة وخاصة أعمال الصيانة التي تعد من الأعمال الضرورية لتشغيل المرفق باستثماراته وتتصف هذه الأعمال بالطابع الدوري وتجرى استنادا للبرنامج المحدد سلفا1.
5- الموردون:
تلجا شركة المشروع إلى الموردين بهدف تزويدها ببعض المعدات والآلات التي تدخل في تنفيذ المشروع وتكون لازمة لتشغيله في مراحل لاحقة2.
6- مستوى الخدمة:
يمكن شراء الخدمة من طرف الدولة أو من طرف المستفيد من خدمات المرفق العام، ويتم شراء الخدمة من طرف الدولة وتكون الجهة مانحة الامتياز هي من يشتري الخدمة التي يقدمها المشروع، أو أن يتم شراء الخدمة من طرف المستفيدين، وتتضمن الخدمات التي تقدمها الشركة إلى المستفيدين من خدمتها، كما تتضمن الرسم أو التعريفة التي ستتقاضاها الشركة مقابل تقديمها هذه الخدمات3. 7- شركة التأمين:
تتعرض شركة المشروع إلى العديد من المخاطر في المراحل المختلفة للتنفيذ والتشغيل وهذا ما يستدعي لجوؤها شركات التـأمين لتغطية مختلف أنواع المخاطر التي قد تواجه المشروع1.
الفرع الثاني: التكييف القانوني لعقد البوت BOT.
اختلف الفقه حول الطبيعة القانونية لعقد البوت، فمنهم من اعتبر هذا العقد من العقود الإدارية لما تتمتع به الدولة من امتيازات السلطة العامة أولا، بينما ذهب اتجاه أخر إلى اعتبارها من عقود القانون الخاص بالنظر للمكانة التي تحضى بها الشركات الأجنبية خلال مختلف مراحل إبرام وتنفيذ هذه العقود ثانيا، في حين يعتبر فريق أخر أن هذه العقود تتصف بطبيعة خاصة تميزها عن باقي العقود الأخرى لما تنفرد به من أحكام خاصة ثالثا، في المقابل سنستعرض موقف المشرع الجزائري في هذا الصدد رابعا.
أولا: الطبيعة الإدارية لعقود البوت BOT.
تعتبر هذه العقود من العقود الإدارية كونها تنطوي على التزام المرافق العامة المعروفة بمفهومها التقليدي لعقد الامتياز التقليدي، كون الإدارة طرفا في العقد، وكان موضوع عقد الامتياز متصلا بنشاط مرفق عام2، وهي تتضمن شروطا تحددها الإدارة مسبقا،كذلك التي نجدها في الاستغلال المباشر، للإدارة سلطة تعديلها بالزيادة أو النقصان حفاظا على المصلحة العامة وضمان لاستمرارية المرفق العام3.
ثانيا: عقد البوت BOT من عقود القانون الخاص.
يرى معظم فقهاء القانون الخاص أن عقود البوت ليست عقود إدارية لعدم توفر شروط العقد الإداري فيها، وإنما هي عقود مدنية تخضع لأحكام القانون الخاص أي قواعد القانون المدني أو التجاري حسب الحال1.
ثالثا: الطبيعة الخاصة لعقد البوت BOT.
اتخذ هذا الاتجاه موقف وسط بين الاتجاهين السابقين، حيث اعتبر أن عقود البوت من العقود ذات الطبيعة الخاصة على الرغم من أن لهذا العقد ارتباط تاريخي بعقد الامتياز2، إلا أنه يوجد بينهما اختلافات جوهرية، واستدل هذا الفريق في تبرير موقفه على ما يلي:
- خلو نصوص القانون المدني من الإشارة إلى مثل هذه العقود أي البوت BOT.
- عدم وجود تنظيم قانوني لمعالجة هذه النوعية من العقود.
- إن هذه العقود تقترب من العقود الإدارية لتعلقها بمرفق عام، وهي تقتضي ظهور الدولة كسلطة عامة وتحتوي على شروط استثنائية، وبالتالي فهي تخرج من دائرة العقود الإدارية.
رابعا: موقف المشرع الجزائري من تكييف عقد البوت BOT.
لم يقم المشرع الجزائري بتكييف عقد البوت باعتبار أن العقود الإدارية في الجزائر تتم تحديدها قانونيا سواء بصفة مباشرة أو غير مباشرة، حيث نجد أن بعض النصوص تعتبر مثل هذه العقود إدارية مثل المادة 04 من المرسوم التنفيذي 89 – 01 المؤرخ في 15/01/1989 والذي يضبط كيفيات تحديد دفتر الشروط المتعلق بالامتياز في احتكار الدولة للتجارة الخارجية3، فضلا عن ذلك فإن المشرع الجزائري قد اعتبر هذا النوع من العقود من عقود القانون العام خاصة في استعمال الموارد المائية، والحالة الثانية هي حالة منح المشرع الاختصاص النوعي للفصل في النزاعات المتعلقة بالعقود التي تبرمها الإدارة إلى الجهات القضائية الإدارية1.
باعتبار أن عقود البوت من العقود الإدارية، فإن هذا لا يمنع من إضفاء الطابع الدولي عليها متى أبرمتها الدولة أو أحد هيئاتها وشركة مشروع أجنبية وإن كان المشرع الجزائري لم يتطرق إلى تفريق العقد الدولي صراحة، إلا أنه بمفهوم الفصل يعتبر كذلك، فالتحكيم الذي يخص النزاعات المتعلقة بالمصالح التجارية والذي يكون فيه مقترنا وموطن أحد الطرفين على الأقل في الخارج ما يفيد أن المشرع الجزائري قد جمع بين المعيارين لإضفاء الصفة الدولية على العقد2.
1- حصایم سمیرة، المرجع السابق، ص ص12، 13.
2- السامرائي xxxx xxxxx، الاستثمار الأجنبي: المعوقات والضمانات القانونية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2006، ص ص 251، 252.
3- الأسعد xxxx xxxx، عقود الإستثمار في العلاقات الدّولیة الخاصة، منشورات الحلبي الحقوقیة، بیروت، لبنان، د ط، 2006، ص .15
1- حفیظة xxxxx xxxxxx، العقود المبرمة بین الدّول والأشخاص الأجانب، (تحدید ماهيتها والنّظام القانوني الحاكم لها)، دار المطبوعات الجامعیة، الأسكندریة، دط، 2007، ص 39.
2- xxxx xxx xxx xxxxxx، الإشكالات القانونیة التي تواجھ تطبیق إتفاقیات البوت "BOT "كآلیة للخصخصة في الدول العربیة، الریاض، متاح على الموقع: xxxx://xxx.xxxxxxxxxxxxxxxxx.xxx.، أطلع عليه بتاريخ: 13 أكتوبر 2020 على الساعة 13 زوالا.
1- المرسوم الرئاسي رقم 10-236 المؤرّخ في 28 شوال 1413 الموافق لـ 7 أكتوبر 2010، یتضمّن تنظیم الصّفقات العمومیّة، ج.ر، العدد58، الصادر في7 أكتوبر 2010، ص 56.
2- xxxxx xxx xxxxx القطب ، المرجع السابق، ص 350.
3- xxxxx xxx xxxxx القطب، المرجع السابق، ص 356.
4- xxxx xxxxx xxxx ،المرجع السابق، ص 75.
5 -DELMON (J), « Project Finance, B.O.T Project and Risk » ,Kluwer law, Netherlands, 2005, p.194
1 - xxxxx xxx xxxxx القطب، نفس المرجع أعلاه، ص 350.
2 - xxx xxxxxxxx، مشروعات البوت BOT ، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007، ص 335.
3 - xxxx xxx xxx xxxxxx ، المرجع السابق، ص 138.
1 - xxxx xxxx xxxx xxx xxxxxx، الاتجاهات الحديثة في عقود الالتزام، دار النهضة العربية، القاهرة، 2006، ص 242.
2- xxxxxxx xxxxxxx، المرجع السابق، ص 20.
3- xxxxx xxxxx، المرجع السابق، ص 136.
1- xxxx xx xxxx xxxxxxxxx ، الطبيعة العمومية لعقود الامتياز والاستثمار التي تبرمها الدولة وفق لنظام البوت، مجلة الشريعة والقانون، السنة 22، العدد 36،كلية الحقوق، جامعة الإمارات العربية، أكتوبر 2008، ص 175.
2- xxx xxxxxx xxxxx xxxxx، عقود البوت في القانون المقارن، دار الكتب القانونية، مصر المحلة الكبرى، 2008، ص 129.
3- xxxxx xxx xxxxxx xxx xxxxxx، التّحكیم في منازعات العقود الإداریة الدّاخلیة والدّولیة، دار الفكر الجامعیة، الإسكندریة، دط، 2006 ،ص130.
1- بلقواس سناء، الطرق البدیلة لحل منازعات العقود الإداریة ذات الطابع الدّولي، -التّحكیم نموذجا-، رسالة ماجستیر في العلوم القانونیة، تخصص قانون إداري وإدارة عامة، جامعة xxxxx xxxx، باتنة، 2010 -2011 ، ص44.
2- xxx xxxxxx xxxxxxx xxxxx، المرجع السابق، ص129.
12